تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

4 ـ الإيقاع الصوتي في موسيقى الفواصل، وقد عالج موافقة جملة من الآيات في فواصلها وزنتها لجملة من بحور الشعر العربي، وقد ربط البحث مثل هذه السمات بالإيقاع الصوتي، وفسر ظواهرها صوتياً، لدفع بعض الشبهات حول القرآن، لأنه قد وجد فيه ما وافق شعراً موزوناً، وكان وجود الفاصلة فيه هو الذي جعله كلاماً ذا وزن إيقاعي ينظر فيه إلى غرضه الفني مضافاً إليه الغرض التشريعي، وهما متعانقان. وتلك ميزة ناصعة من مزايا الآيات باعتبار العبارات.

الفصل السادس، وكان بعنوان: الدلالة الصوتية في القرآن وقد عالج بأصالة استنتاجية مظاهر الدلالة الصوتية في إذكاء حرارة الكلمة القرآنية، وتوهج عباراته، فلمس اللفظ المفرد، وتناغم الكلمة الواحدة في وقع الجرس الموسيقي للصوت، واقتصر على مظاهر الدلالة في مجالات قد تكون: متقابلة، أو متناظرة، أو متضادة، أو متوافقة، وقد كونت هذه الإشارات المركزة بمجموعها أبعاد الدلالة الصوتية في القرآن ضمن المفردات المدروسة الآتية:

1 ـ دلالة الفزع الهائل: وقد كشفت عن طائفة من الألفاظ التي استعملها القرآن تم اختيارها صوتيا بما يتناسب مع أصدائها في السمع أو النفس أو الخارج، واستوحى دلالتها من جنس صياغتها، فكانت دالةً على ذاتها بذاتها في الفزع والاشتباك والخصام والعنف.

2 ـ الاغراق في مدّ الصوت واستطالته، وكشف عن مقاطع صوتية مغرقة في الطول والمدّ والتشديد رغم ندرة صيغة هذه المركبات الصوتية في اللغة، ونجد القرآن يستعمل أفخمها لفظاً، وأعظمها وقعاً، فيستلهم من دلالتها صوتياً مدى شدتها وهدتها، وتستوحي أهليتها بالتلبث الدقيق، أو تستقري أحقيتها بالترصد والتفكير الحصيف.


(203)

3 ـ الصيغة الصوتية الواحدة، وهي ظاهرة جديرة بالعناية لتسمية الكائن الواحد النازل، والآخر المرتقب المنظور بأسماء متعددة ذات صيغة هادرة، بنسق صوتي متجانس، للدلالة بمجموعة مقاطعه الصوتية على مضمونه في الإيحاء والرمز، وبوقعه الخاص على كنه معناه، ومن ذلك تسمية: القيامة في القرآن بأسماء متقاربة الأبعاد في إطار الفاعل المتمكن المريد، والكائن الحي القائم.
4 ـ دلالة الصدى الحالم، في استكناه الأصداء الرقيقة الهادئة لألفاظ ملؤها الحنان والرحمة لدى تأديتها معانيها ضمن أصواتها، ومن خلالها مقاطعها، فتوحي بمؤادها مجردة عن التصنيع، والبديع، فهي ناطقة بمضمونها، هادرة بإرادتها، دون إضافة بيانية، أو إضاءة هامشية.
5 ـ دلالة النغم الصارم في التماس أصوات الصغير في وضوحها، وأصدائها في أزيزها نتيجة التصاقها في مخرج الصوت، واصطكاكها في جهاز السمع، فهي في الكلمات تؤدي مهمة الإعلان الصريح عن الحدث، وهي في العبارة تجسد حقيقة المراد في التأكيد عليه، فتعبر عن الشدة حيناً، وعن العناية حيناً آخر، مما يشكل نغماً صارماً في الصوت، وأزيزاً مشدداً في السمع.
6 ـ الصوت بين الشدة واللين، بملاحظة الصوائت والصوامت من الأصوات، فالصوائت مأهولة في الانفتاح المتكامل لمجرى الهواء، فتنطلق مقاطعها فيه دون دوي أو ضوضاء، فتؤثر في الأسماع وضوحاً وصفاء. والصوامت بخلاف هذا فهي تتسم بالضوضاء نتيجة احتباس الهواء، وجري النفس وما ذلك إلا لتضييق مجرى الهواء واختلاسه، فتنطلق أصواتها محدثة الضجيج والصوت الرنّان، وكان تفسير هذا وذاك خاضعاً بطبيعته لنماذج موفورة من ألفاظ القرآن العظيم.
7 ـ الألفاظ دالة على الأصوات، وقد توافرت في القرآن طائفة من الألفاظ الدقيقة عند إطلاقها، بكون اللفظ يدل على ذات الصوت، والصوت يتجلى فيه اللفظ نفسه، بحيث يستخرج الصوت من الكلمة، وتؤخذ الكلمة من الصوت، وهذا من باب مصاقبة الألفاظ للمعاني بما يشكل أصواتها، فتكون أصوات الحروف على سمت الأحداث، فيبرز

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير