تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والمقبرة الواحدة مرعبة هائلة، فإذا ضممنا مقبرة مترامية الأطراف الى مقبرة مثلها، ومقبرة أخرى، إزددنا إيحاشاً ورعباً وفزعاً، فإذا أصبحت مقابر عديدة؛ تضاعف الرعب والرهب، إذن هذا التكاثر الشهواني في كل شيء، يوافقه ـ بدقة متناهية ـ الجمع المليوني للقبور، لتصبح مقابر لا قبوراً، ولو قيل في غير القرآن بمساواة القبور للمقابر في الدلالة لما سدّ هذا الشاغر الدلالي شيء آخر من الألفاظ، فهو لها فحسب (2).

إذن ليست هذه الصيغة البلاغية في استعمال المقابر مجرد ملائمة صوتية للتكاثر، وقد يحسّ أهل هذه الصنعة ونحن معهم فيها؛ نسق الإيقاع، وانسجام النغم، ولكن ليس هذا كل شيء (3).

ولا يعني هذا التغافل عن مهمة الانسجام الصوتي، والوقع الموسيقي في ترتيب الفواصل القرآنية، فهي مرادة في حد ذاتها إيقاعياً، ولكن يضاف إليها غيرها من الأغراض الفنية، والتأكيدات البيانية، مما هو مرغوب فيه عند علماء البلاغة، فقوله تعالى: (فأما اليتم فلا تقهر * وأما السآئل فلا تنهر) (4). فقد تقدم المفعول به في الآيتين، وهو اليتيم في الأولى،


(1) التكاثر: 3 ـ 4.
(2) ظ: المؤلف، تطور البحث الدلالي: 70 بتصرف.
(3) ظ: بنت الشاطي، التفسير البياني: 1|207 بتصرف.
(4) الضحى: 9 ـ 10.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير