تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والآن نستعرض مثالين وردا في القرآن الكريم الأول في سورة النحل (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {127}) والثاني في سورة النمل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {69} وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {70})

آية سورة النحل نزلت على الرسول r بعدما مثّل المشركون بحمزة عمّ الرسول في غزوة أُحُد فحزن الرسول r عليه حزناً شديداً وقال لأمثّلن بسبعين رجلاً من المشركين فنزلت الآية تطلب من الرسول r أن يعاقب بمثل ما عوقب به وأراد أن يُذهب الحزن من قلبه ولا يبقى فيه من الحزن شيء، وقوله تعالى (ولا تك في ضيق) بمعنى احذف الضيق من نفسك ولا تبقي شيئاً منه أبدا أي أن المطلوب ليس فقط عدم الحزن لكن مسح ونفي أي شيء من الحزن يمكن أن يكون في قلب الرسول r فحذفت النون من الفعل. أما في آية سورة النمل فالآيات في دعوة الناس للسير في الأرض والتفكّر والمقام ليس مقام تصبير هنا فجاء الفعل مكتملاً (ولا تكن في ضيق).

ومن الأمثلة الأخرى على حذف أو عدم حذف النون في فعل (تكن) قوله تعالى في سورة القيامة (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى {37}) حذفت النون هنا لأن النطفة هي من الذكر وهي غير مكتملة بعد وغير مخصّبة وهي لا تكتمل إلا بعد لقاح البويضة إذن حال النطفة الآن غير مكتمل فحذف ما يدل على أن الفعل أصلاً ليس مكتملاً فلزم الإقتطاع أنها غير كاملة والحدث غير كامل.

وكذلك قوله تعالى (وإن تك حسنة يضاعفها) وقوله في سورة مريم (ولم أك بغيّا) حذف النون لأنه ليس في مريم أدنى شيء من البغي وليس هناك جزء من الحدث مطلقاً أصلاً. أما في قوله تعالى (ولم أكن بدعائك رب شقيا) هذا سياق عام يحكمه المقام. وفي قوله تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) وقوله (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) لم تحذف النون من الفعل هنا لأن الآيات مكتملة والأرض مكتملة فجاء بالفعل تامّاً لأن المعنى تامّ ولا يحتاج إلى حذف. وفي قوله تعالى في سورة لقمان (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {16}) الأولى حذفت منها النون لأنه لم يذكر مكان الحبة أما الثانية فذكر فيها النون لأنه ذكر المكان وحدده إما الصخرة أو السموات أو الأرض وهي كلها مكتملة.

84 - ما دلالة كلمة (حين) في القرآن الكريم؟

في اللغة هناك ظروف محددة مثل (شهر، عام، أسبوع، حول) وظروف مبهمة. و (حين) هي من الظروف المبهمة بمعنى أنه ليس لها وقت محدد لكن قد يُعلم وقتها بما تُضاف إليه. كقوله تعالى في سورة الروم (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ {17}) وكذلك قوله تعالى في سورة ابراهيم (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {25}) حسب الثمار.

85 - ما اللمسة البيانية في تقديم الرحيم على الغفور في سورة سبأ وقد وردت في باقي القرآن الغفور الرحيم؟

لو قرأنا الآية في سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {1} يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ {2}) لم يتقدّم الآية ما يخصّ المكلَّفين أبداً والمغفرة لا تأتي إلا للمكلَّفين والمذنبين الذين يغفر الله تعالى لهم وإنما جاء ذكرهم بعد الأيتين الأولى والثانية لذا اقتضى تأخير الغفور لتأخر المغفور لهم في سياق الآية. أما في باقي سور القرآن الكريم فقد مردت الغفور الرحيم لأنه تقدّم ذكر المكلَّفين فيذنبون فيغفر الله تعالى لهم فتطلّب تقديم المغفرة على الرحمة.

86 - ما دلالة (لا) في قوله تعالى (لا نفرّق بين أحد من رسله)؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير