تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَحَدَّثُونَ بِسِرِّ كَانَ اللَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَكْتُمَهُ فَقَالَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ عَلَّمَنَا إيَّاهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أَلَمْ تَأْمُرْنِي أَلَّا أُفْشِيَهُ؟ فَقَالَ: أَمَرْتُك أَنْتَ أَلَّا تُفْشِيَهُ وَلَكِنِّي أَنَا أَخْبَرْتهمْ بِهِ} وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا طَوَائِفُ مُنْتَسِبُونَ إلَى الدِّينِ مَعَ فَرْطِ جَهْلِهِمْ بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَيَبْنُونَ عَلَيْهَا مِنْ النِّفَاقِ وَالْبِدَعِ مَا يُنَاسِبُهَا. تَارَةً يُسْقِطُونَ التَّوَسُّطَ بِالرَّسُولِ وَأَنَّهُمْ يَصِلُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الرُّسُلِ مُطْلَقًا. فَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَسْقَطُوا وَسَاطَةَ رَسُولٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسْقِطُوا وَسَاطَةَ الرُّسُلِ مُطْلَقًا. وَهَؤُلَاءِ إذَا أَسْقَطُوا وَسَاطَةَ الرُّسُلِ مُطْلَقًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ كَانَ هَذَا أَغْلَظَ مِنْ كُفْرِ أُولَئِكَ؛ لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا تَسْقُطُ الْوَسَاطَةُ إلَّا عَنْ الْخَاصَّةِ لَا عَنْ الْعَامَّةِ فَيَكُونُونَ أَكْفَرَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِ السِّفَارَةِ مُطْلَقًا عَنْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ أَكْفَرُ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِ سِفَارَةِ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا بَلْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ رَسُولٌ إلَى الْأُمِّيِّينَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَخْرَجُوا عَنْ رِسَالَتِهِ مَنْ لَهُ كِتَابٌ وَهَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ عَنْ رِسَالَتِهِ مَنْ لَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا خَيَالَاتٌ وَوَسَاوِسُ وَظُنُونٌ أَلْقَاهَا إلَيْهِ الشَّيْطَانُ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَتَارَةً يَجْعَلُوا هَذِهِ الْآثَارَ الْمُخْتَلَقَةَ حُجَّةً فِيمَا يَفْتَرُونَهُ مِنْ أُمُورٍ تُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَيَدَّعُونَ أَنَّهَا مِنْ أَسْرَارِ الْخَوَاصِّ كَمَا يَفْعَلُ الْمَلَاحِدَةُ وَالْقَرَامِطَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَتَارَةً يَجْعَلُونَهَا حُجَّةً فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ إلَى مَا ابْتَدَعُوهُ مِنْ اتِّخَاذِ دِينِهِمْ لَهْوًا وَلَعِبًا. وَبِالْجُمْلَةِ قَدْ عُرِفَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْرَعْ لِصَالِحِي أُمَّتِهِ وَعُبَّادِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْأَبْيَاتِ الْمُلَحَّنَةِ مَعَ ضَرْبٍ بِالْكَفِّ أَوْ ضَرْبٍ بِالْقَضِيبِ أَوْ الدُّفِّ. كَمَا لَمْ يُبَحْ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ لَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَلَا فِي ظَاهِرِهِ وَلَا لِعَامِّيِّ وَلَا لِخَاصِّيِّ وَلَكِنْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ اللَّهْوِ فِي الْعُرْسِ وَنَحْوِهِ كَمَا رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْأَفْرَاحِ. وَأَمَّا الرِّجَالُ عَلَى عَهْدِهِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَضْرِبُ بِدُفِّ وَلَا يُصَفِّقُ بِكَفِّ بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ} {. وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. والمتشبهين مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ} ". وَلَمَّا كَانَ الْغِنَاءُ وَالضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَالْكَفِّ مِنْ عَمَلِ النِّسَاءِ كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الرِّجَالِ مُخَنَّثًا وَيُسَمُّونَ الرِّجَالَ الْمُغَنِّينَ مَخَانِيث وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي كَلَامِهِمْ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ {عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُوهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير