حقائبُ الرحيل .. !
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[23 - 08 - 2010, 02:30 ص]ـ
البوح بعد منتصف الليل له طعمه الخاص، تتلولب فيه الحروفُ، مثل نافورةٍ تتراشق حباتها على أرواحنا جذلى، ما أن أمسكنا بأولها، حتى بدأت السطور الفارغة بالتيمم ومن ثم السقيا ..
حاولت أن أكتب الكثير، لكنني لم أفلح، ففي داخلي نسيجٌ معقد التشابك، كأوردة الدماغ التي تشبه المتاهة لو رأيتَ تفاصيلها ..
سهامٌ من الوجعِ مغروسة في دمي، وكأنني لا أبرأ منه حتى لحظات ابتسامتي، فكم تمنيت أن أكتب السعادة في سطورٍ يفرح لها كلّ من يقرأ لي، لكن .. هل يستطيع الموجوع أن يزرع البسمة في قلوب الآخرين، وإن كان ممن داسوا على قلوبهم، وصار صراخهم أنيناً خافتاً، لا يبث بأوجاعه حتى للقمر في ليلة اكتماله بدرا!
تلك الحياة التي أعيشها بكلّ تفاصيل غربتها، قد وهبتني من كرمها كل ما يحلم به المرء المتشائم، وما لا تتمناه نفسي من أوتار وجعٍ، يعزف فيها صوت الفراق في كلّ ليلة على أوتار الرحيل ..
رحيل طفولتي .. وأجمل مراحل عمري التي أفنيتها خوفاً تحت جنح الظلامِ، ووابل من رصاصات البكاء، تخترق نهارا أجواء براءتي، وتسلبني حق الطفولة الحقّة ..
رحيل أبي .. قبل أن تعانق عيناه وجهي، وقبل أن أردّ عليه، عندما ناداني باسمي، ولم أكن بجانبه لحظة رحيله ..
رحيل ربيعي الذي تمزق فستان عرسهِ على هجرٍ ظاهر، وآخر باطن، وأكفّ تصفع، وأخرى تجرح ولا تبلسمُ
و ... وقوفي على أبواب وطنٍ آيلٍ للفناء، يحمل على ظهره حقائب البكاء، وعويل صدري يكاد يمزق فلول السحبِ المتراكمة سواداً على جدرانِ غربته (وطني) حتى بين أقرانه الأحبّاء ..
الوطن ..
معضلتي الكبرى، ووجعي الأعمق، وحلم كنت أشيّد فيه كلّ ليلةٍ قصراً من الأمل، ولم أكن أعلم أنني أبني على الرملِ أحلاماً، تتكسرُ مع أول موجةٍ صباحية بأحداثٍ يصوغها الآخرون، وندفع ثمنها من دمائنا وحياتنا و .. ترابنا
وأخيراً .. حقائب رحيلي تنادي، وتزرع في أرض جفوني مراسيم البكاء، على روحِ أنثى قد ودّعتها فراشات الفرحِ، وصارت كالآخرين، وردة تتنفس، تحت أنقاض الوطن، وتنفلق من بين مساماتها بذرة حبّ واحدةٍ تنادي باسم الوطن المسلوب، فكيف تغفو عيون القلبِ وأرض روحها تئنّ، وتصرخُ كل ليلةٍ من الألمِ!
نبضه الدائم
منى الخالدي
ـ[السراج]ــــــــ[23 - 08 - 2010, 10:43 ص]ـ
منى الخالدي ..
لا أملك إلا أن أقولُ أبدعتِ في رسم معزوفة نادرة، فبكِ الخواطر تسري بحداء شجي كقوافل، أو سرب حمائم ..
بوركَ فيك ..
ـ[أحمد رامي]ــــــــ[24 - 08 - 2010, 02:09 ص]ـ
يا ابنة السليبة، والبيّارات الحبيبة، يامن أنتجتْ آهاتٍ حرّى، وصدَّرَتْ دمعاتٍ سخيةً،
يامن تحملُ بذرةَ الأملِ منذ وُلِدَ الفراقُ، تحملُها حيرى تاهَ عنها مكانُ زراعتِها، بامن تغُصُّ الكلماتُ في حلق قلمها وتهوي
محاولةً التشبُّثَ بأول ورقة تصادفها، لتَنْبُتَ فيها حلماً يَزفُّ العودةَ إلى المجهول، غردي غردي غردي
وابعثي النشيدَ في الآفاقِ المدفونةِ في العيون النديّة، إرمي البذرةَ للرّيحِ واستمطري العزيمةَ، ولْتسقطِ البذرةُ أين ما
شاءتْ لها الكرامةُ، ولْتُنتِشْ في أي جيلٍ شاءتْ، فنحن لن نجتثَّ الأملَ، ولن نملَّ العملَ ....
مشاعري تؤازرك كل حين
تحياتي لك
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[24 - 08 - 2010, 03:33 ص]ـ
منى الخالدي ..
لا أملك إلا أن أقولُ أبدعتِ في رسم معزوفة نادرة، فبكِ الخواطر تسري بحداء شجي كقوافل، أو سرب حمائم ..
بوركَ فيك ..
ولا أملك غير شكركَ أيها الأخ العزيز سراج
ترافقني حروفك دوماً
وكأنها مظلة تقيني حرّ الشمس وأمطار الشتاء ..
تحية ودٍ واحترام ..
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[24 - 08 - 2010, 04:08 ص]ـ
شعبة من سحر البيان
ـ[الخطيب99]ــــــــ[24 - 08 - 2010, 06:42 ص]ـ
ما شاء الله
نص يعزف ألحان حزنٍ على ناي مكسور ولكن رغم كسره و جرحه
إلا أنه يستجدي الهمم الغائرة في البعيد
نص نقف أمامه معترفين ببراعة الصنعة ورسم تضاريس الكلمات
باقة ورد
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 03:02 ص]ـ
قد بُحّ صوتي، وانكسر ناي التمنّي، ووئد الحلم، حتى صارت كلّ بقعة من أرض روحي تشبه أرضي ..
تنادي بغربةٍ وهي بين أقرانها، والأحبة غابوا و ما هم بغائبين .. تناديهم أناملي، أغيثوني بسُحب اللقاءِ ..
فما عاد القلب يستحبّ أن يبقى وحيداً بعد أن جردوه كلّ فسائل النقاء .. !
الدكتور أحمد رامي
شكراً لك أخي الفاضل
وألف تحية ..
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 03:09 ص]ـ
شعبة من سحر البيان
بعض ما عندكم أيها المبدع
حياك ربي وألف أهلا بك ..
ـ[منى الخالدي]ــــــــ[25 - 08 - 2010, 03:11 ص]ـ
ما شاء الله
نص يعزف ألحان حزنٍ على ناي مكسور ولكن رغم كسره و جرحه
إلا أنه يستجدي الهمم الغائرة في البعيد
نص نقف أمامه معترفين ببراعة الصنعة ورسم تضاريس الكلمات
باقة ورد
وأسعدني هذا الرد الغالي
والذي به أفخر
بارك الله فيك أخي الخطيب
وشكراً لك ولباقة الورد التي رافقتك
وأهديك ورودي وتحيتي ..