وقال أيضًا في طبقات المفسرين: (كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الفقه).
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: (وكان علامة زمانه، وكان دينًا ورعًا، زاهدًا، عابدًا، صالحًا).
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: (الفقيه، الشافعي، المحدث، المفسر، كان بحرًا في العلوم).
آثاره: لقد ترك الإمام البغوي علومًا مفيدة وكثيرة في التفسير والحديث، والفقه، كان لها الأثر النافع، والعظيم فيمن جاء بعده، وكانت مؤلفاته تتصف بموضوعاتها القيمة، وبكلماتها السهلة، وبطريقتها المفيدة يتحرى فيها الحق، والانقياد وراء الأدلة الصحيحة، فقد وقف وقفات مع كتاب الله مبتعدًا فيها عن حشو الكلام، وآراء المتكلمين، مع تقيده بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهم النص القرآني، وبمنهج الصحابة الكرام في ذلك، كما أنه روى الحديث واعتنى بدراسته، وشرحه ومعرفة صحيحه من سقيمه، وقد صنف كتبًا كثيرة نذكر منها:
1 - التهذيب: في فقه الإمام الشافعي، وهو كتاب مشهور متداول عند الشافعية، كما أنه تأليف مهذب مجرد من الأدلة غالبًا، لخصه من تعليقة شيخه القاضي حسين وعدَّل فيه زيادة وحذفًا، وكثيرًا ما ينقل عنه الإمام النووي رحمه الله في كتابه "روضة الطالبين". وكتاب التهذيب يقع في أربعة مجلدات ضخام يوجد منه المجلد الرابع في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (292) فقه شافعي يرجع تاريخ نسخه إلى سنة 599 هـ هذا ما أشار إليه محقق سير أعلام النبلاء 19\ 440.
2 - معالم التنزيل: والمعروف بتفسير البغوي وقد تقدم الكلام عنه في مبحث منهج البغوي في التفسير إلا أننا نشير إلى أنَّ هذا التفسير قد طبع عدة طبعات كانت الأولى عام (1285) هـ طبعة حجرية أثبت على حاشيتها بعض التعليقات والتراجم وهي في أربعة أجزاء مجموعة في مجلد واحد.
والثانية: المطبوعة على هامش تفسير ابن كثير في تسعة مجلدات طبعت بمطبعة المنار بمصر سنة (1343) هـ.
والثالثة: النسخة المطبوعة على هامش (تفسير الخازن) في أربعة مجلدات.
والرابعة: التي صدرت قريبًا في أربعة مجلدات بتحقيق خالد عبد الرحمن العك ومروان سوار. وجميع هذه الطبعات قد حوت من الأخطاء والتصحيفات، التي ظهرت خلال المقابلة مع النصوص المخطوطة، الشيءَ الكثير، مما حملنا على خدمة هذا التفسير العظيم.
3 - شرح السنة: قال فيه مؤلفه في الجزء الأول ص 2 - 4: "فهذا كتاب في شرح السنة، يتضمن إن شاء اللّه سبحانه وتعالى كثيرًا من علوم الأحاديث، وفوائد الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلِّ مشكلها، وتفسير غريبها، وبيان أحكامها، يترتب عليها من الفقه واختلاف العلماء جُمَلٌ لا يستغني عن معرفتها المرجوع إليه في الأحكام، المعَّول عليه في دين الإسلام.
ولم أودع هذا الكتاب من الأحاديث إلا ما اعتمده أئمة السلف الذين هم أهل الصنعة، المْسلَّم لهم الأمر من أهل عصرهم، وما أودعوه كتُبَهم. فأما ما أعرضوا عنه من المقلوب، والموضوع، والمجهول واتفقوا على تركه فقد صنت الكتاب عنه، وما لم أذكر أسانيدها من الأحاديث فأكثرها مسموعة، وعامتها في كتب الأئمة، غير أني تركت أسانيدها حذرًا من الإطالة واعتمادًا على نقل الأئمة" اهـ.
لقد جمع محي السنة في كتابه هذا بين الرواية والدراية، مما جعله من الكتب القيمة، بالإضافة إلى معرفته بأقوال الصحابة والتابعين والأئمة، والمجتهدين وقد قام بخدمة هذا الكتاب كلٌ من الأستاذين شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش وقد صدر عن المكتب الإسلامي ببيروت في 16 مجلدًا مع الفهارس.
4 - مصابيح السنة: جمع فيه مؤلفه طائفة من الأحاديث، محذوفة الأسانيد، اعتمد على نقل الأئمة لها، وقسم أحاديث كل باب إلى صحاح وحسان وعنى بالصحاح ما أخرجه الشيخان، وبالحسان ما أخرجه أصحاب السنن وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشار إليه، وأعرض عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا، وهو كتاب مشهور طبع أكثر من طبعة، واعتنى بشأنه العلماء بالقراءة والتعليق وعملوا عليه الكثير من الشروحات، من أهمها ما قام به الشيخ ولي الله أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب، حيث كمل المصابيح، وذيل أبوابه فذكر الصحابي الذي روى الحديث عنه، وذكر الكتاب الذي أخرجه منه، وزاد على كل باب من صحاحه وحسانه- إلا نادرًا- فصلًا ثالثًا وسماه "مشكاة المصابيح " فصار كتابًا كاملًا.
وقد طبع هذا الأخير عدة طبعات، وكان آخرها التي قام بنشرها المكتب الإسلامي بتحقيق الأستاذ\ ناصر الدين الألباني في ثلاثة مجلدات وطبع أيضًا مصابيح السنة في أربعة مجلدات.
5 - الأنوار في شمائل النبي المختار: أشار إلى ذلك صاحب كشف الظنون والشيخ محمد بن جعفر الكتاني في كتاب الرسالة المستطرفة. رتبه على واحد ومائة باب على طريقة المحدثين بالأسانيد
6 - الجمع بين الصحيحين: ذكره صاحب معجم المؤلفين وبعض من ترجم له.
7 - الأربعين حديثًا: ذكره ابن قاضي شهبة عن الذهبي.
8 - مجموعة من الفتاوى: حوت فتاوى شيخه من المسائل الفقهية التي سئل عنها الإمام أبو علي الحسين بن محمد المروزي " صاحب التعليقة" فتتبعها البغوي وجمعها. توجد نسخة منها في دار الكتب الظاهرية بدمشق
وفاته: توفي رحمه الله بَمرْو الرُّوذ. مدينة من حدائق خراسان في شوال سنة ستَّ عشرة وخمس مائة للهجرة. ودفن بجانب شيخه القاضي حسين، وعاش بضعًا وسبعين رحمه الله.
الكتب الالكترونية الاسلامية ( http://adel-ebooks.mam9.com)