تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال القاضي: وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها.

ولا يلتحق بها الأسواق " (2).

قال أبو عبد الرحمن: أميل إلى ما ذكره النووي إلا أن ذلك ليس قياسا بل هو نص لأنه في الحالة الأولى ـ وهي الأماكن التي يعتزلها أكل الثوم ـ قال صلى الله عليه وسلم: فلا يقربنا.

وقال: ولا يؤذينا.

وقال: وليقعد في بيته.

فهذا يقتضي اعتزال تجمعات المسلمين.

وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله وسلم مر على زراعة بصل هو وأصحابه رضي الله عنهم فنزل ناس منهم فأكلوا منه ولم يأكل آخرون.

قال أبو سعيد: فرحنا إليه فدعا الذين لم يأكلوا البصل وأخر الآخرين حتى ذهب ريحها.

فليس في هذا الحديث نص على أنه عزلهم عن المسجد فحسب , بل الحديث عام لعزلهم حضور مجلسه صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عبد الرحمن: ويختلف المسجد عن بقية المجمعات لأن الإخراج من المسجد واجب من أجل تأذٍّي الملائكة عليهم السلام فذلك حقهم ولا نملك نحن البشر إسقاطه.

أما التجمعات فالحق فيها للبشر فإذا رضي أصحاب التجمع بحضور أكل الثوم فلا بأس لأن ذلك حقهم وقد أسقطوه.

ولا أعلم مسوغا لا ستثناء السوق إلا الضرورة إذا وجدت , فإذا كان مضطرا لحضور السوق لحاجة ماسة فله ذلك بقدر ضرورته.

وأما الحالة الثانية وهي الروائح الكريهة غير الثوم والبصل والكراث فإن في النص إيماء إليها وذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بصحيح مسلم: فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإ نس.

كما أن الأذى للإنس والملائكة يمنع منه ويزال.

ولكن ليست كل رائحة تفوّت بها الجماعة وتقتضي اعتزال المسجد , بل تزول بالغسل والسواك والطيب في وقت وجيز قبل حلول الفريضة.

ومن أقبح الروائح في المسجد رائحة من بلي بدخان أو مسكر فهذا يتعهد نفسه بالتوبة حتى يقلع , ويتعهد فمه وأنامله وما عرق عليه جلده من لباس فيغسله ويطيبه ويستاك

3ـ التعارض بين المباح والواجب:

قال أبو عبدالرحمن: صلاة الجماعة واجبة، بل هي شرط عند أهل الظاهر.

وأكل الثوم مباح، ويترتب على أكله المباح ترك الجماعة الواجبة إلى أن تذهب ريحه.

والواجب مقدم على المباح.

وبهذا التقديم تتحدد إباحة كل الثوم في التالي:

1ـ في حالة يكون فيها من أهل الأعذار المباح لهم التخلف عن الجماعة.

ومن كان معذوراً عن شهود الجماعة ظهرا ويزول عذره بعد العصر فهو غير معذور بأكل الثوم لأن ريحه لا تذهب بعد العصر.

2ـ أن يكون معذوراً بأكله الثوم تطبباً.

أما من يرتب أكل الثوم يومياً وقاية من دون أن يوجبه له طبيب فهذا عازم إما على ترك الجماعة إلى الأبد وإما عازم على ارتكاب النهي إن صلى في المساجد جماعة.

3ـ أن يميت الثوم طبخاً، أو توجد حيلة عملية في إذهاب رائحته بإطلاق، أو توجد حيلة في إذهاب رائحته في وقت قصير كما بين العشاء إلى الفجر، لأن غاية التحريم ذهاب رائحته.

وقد ذكر المختصون طرقا لإذهاب الرائحة لم أجربها كلها بعد.

4ـ أن يكون مضطرا إلى أكله من جوع.

ومدار الأمر إما على كونه معذورا عن شهود الجماعة , وإما على كونه معذورا في أكل الثوم

4ـ ظواهر محرجة:

عزا القرطبي إلى بعض أهل الظاهر تحريم أصل البصل والثوم , لأن ما منع من إتيان الفرض والقيام به فحرام عمله والتشاغل به , ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفه بالخبث والله عز وجل قد وصف نبيه عليه السلام بأنه يحرم الخبائث.

ورد عليهم القرطبي بالأدلة على إباحته , وهي النصوص التي ذكرتها آنفا (4).

ولم يناقش استدلالهم أنفسهم.

قال أبو عبد الرجمن: ليس هذا مذهب جميع أهل الظاهر , وقد نص ابن حزم في كتاب الأطعمة أن الثوم والبصل والكراث حلال (5).

فلعل الخلاف الذي ذكره القرطبي عن واحد منهم من أهل الظاهر في المشرق قبل ابن حزم، أو من أهل الظاهر في المغرب الذين جاؤوا بعده في دولة الموحدين (6).

وقد ذكر أبو محمد التحريم عن غير أهل الظاهر فقال:

وروينا عن علي بن أبي طالب وشريك بن حنبل من التابعين تحريم الثوم النيء (7).

ثم قال أبو محمد: ليس حراماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه في الأخبار المذكورة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير