تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأما فيما يتعلق بالقراءة فتجعله هذه الإشارة المفيدة مشاركا لابن غازي في أهم شيخ له في القراءات وبذلك يستوي سنده معه من طريقه، بل ربما فاقه من حيث الأهمية بالنسبة لمن أخذوا عنه بعد موت ابن غازي، لأن روايته عنه علت لتأخر وفاته عن وفاته بأزيد من عشر سنين، وإن كان قد بقي بعده جماعة ممن رووا عن الصغير كأبي العباس أحمد بن محمد الحباك الذي تقدم في أصحاب ابن غازي أنه (ت سنة 938هـ)، وكيحيى ابن عبد الله بن بكار المحمدي الذي تقدم في أصحاب الصغير أنه عاش إلى سنة 956هـ.

وأما الجانب الأكثر قيمة في هذه الإشارة فهو يتعلق بـ "تقييد الوقف"، إذ تجعل عمله في هذا التقييد ليس نابعا من فراغ، وإنما هو إما محاكاة لعمل تقدمه، أو معارضة له، أو تعديل فيه.

وذلك لما نعرفه من وجود تقييد آخر للوقف قيد عن أبي عبد الله الصغير، ونسخته الخطية التي لا نعرف لها ثانية ما تزال محفوظة في الخزانة الناصرية بتمكروت تحت الرقم 1657 وتحت هذا العنوان "تقييد وقف القرآن عن الأستاذ محمد بن الحسين الملقب بالصغير" ([3] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101491#_edn3)).

ولما كان أبو عبد الله الصغير النيجي قد توفي سنة 887هـ كما تقدم في ترجمته فمعنى ذلك أن فكرة تقييد وقف شامل للقرآن الكريم قديمة في الزمن، وربما تعود إلى منتصف المائة التاسعة، وإذا كان الأمر كذلك فربما كان كل من الهبطي وابن غازي معا وعامة من أخذوا عن الصغير قد اطلعوا عليها في حينها، هذا إذا لم يكونوا قد شاركوا فيها إما بطريق الأداء على منوالها أثناء قراءتهم على الشيخ، وأما باستخراج ذلك من وقفات الشيخ التي كان يتحراها أثناء الأداء، هذا إن لم يكن ذلك قد أخذ مكانه في الألواح على يده ووضعت له بعض العلامات الدالة عليه إما كلمة "صه" أو غيرها ([4] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101491#_edn4)).

وحينئذ وبناء على هذه الاحتمالات فلن يكون الشيخ ابن غازي ومترجمنا هنا أبو عبد الله الهبطي بعيدين عن هذا العمل إما إسهاما فيه في صورته الأولى وإما عدولا عنه أو تعديلا فيه في صور لاحقة ربما كان أهمها وآخرها التقييد الذي في الأيدي الآن بعد أن مر هو أيضا بمراحل مشابهة كما سياتي.

وإذا صح لنا هذا بناء على ما تقدم، فإنه لا يبقى لأحد مستند في دفع أن يكون الهبطي قد قيد هذا الوقف عن ابن غازي، أو على الأقل في صورته الأولى قبل أن ينظر فيه الشيخ فيجري عليه من التعديل ما يراه مناسبا، ويكون العمل بذلك قد تكامل فيه تعاون الشيخين معا لإنجازه في صورته التي قيدت عن المتأخر منهما في الوفاة وهو الشيخ الهبطي، وربما فعلا ذلك كله على سبيل التعديل لوقف شيخهما الذي كان في الغالب صاحب أول تجربة في هذا المجال.

ويشهد لذلك ويقويه ما ذكره الشيخ الدكتور وكاك في بحثه من أنه اطلع بعد سنتين من كتابة بحثه في مكتبة الزاوية الناصرية على وقفية منسوبة إلى الشيخ محمد الصغير شيخ ابن غازي قال:

"وقد قابلت بينها وبين تقييد الشيخ الهبطي فلاحظت أنها تختلف مع تقييد الهبطي في خمسمائة موضع، قال: "ووجود هذه الوقفية يفيدنا أن المغاربة كانوا من قبل الهبطي يعرفون أنواعا أخرى من تقييد وقف القرآن الكريم" ([5] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101491#_edn5)).

ب – أما الإشارة الثانية المهمة أيضا في إدراك منزلة أبي عبد الله الهبطي العلمية فقد جاءت في سياق ذكر أبي العباس المنجور لمشيخته، وذلك في ترجمة أبي القاسم بن محمد بن إبراهيم - صاحب ابن غازي - الذي قال عنه المنجور - كما تقدم -: "كان من الأساتيد المعتبرين، عارفا بعلوم القرآن أداء ورسما وتفسيرا ممتعا من الكتب العلمية التفسير والحديث والعربية وغير ذلك مما جمعه صهره: والد زوجته الأستاذ الكبير، ذو النحو الغزير، الفقيه الفرضي، أبو عبد الله الهبطي، وهي إعانة كبيرة على الطلب" ([6] ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101491#_edn6)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير