2 - ربطه بين آخر السورة وآخر التي تليها، ولهذا أمثلة متعددة، منها: الربط بين آخر الفاتحة وآخر البقرة، قال: "وأما الملائمة بين خاتمتهما فظاهر لا يخفى بأن يقال: (اهدنا الصراط المستقيم) أي: اجعلنا سالكين للصراط المستقيم، (صراط الذين أنعمت عليهم) من النبيين والصديقين، وإن وقع منا نسيان أو خطأ في سلوك ذلك الطريق فيا (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) وإن كنت تحمل علينا في ذلك الطريق شيئاً فيا ربنا (لا تحمل علينا إصراً) أي: حملاً ثقيلاً، (كما حملته على الذين من قبلنا)، ربنا لا (تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا) أي: عن ذنوبنا (واغفر لنا) واسترنا أي: عيوبنا (وارحمنا أنت مولانا) فلا تغضب علينا أي: لا تجعلنا سالكين لصراط الذين غضبت عليهم ولا الضالين، فإنهم من الكافرين أي: لا تجعلنا تابعين للكافرين ولا تجعل الكافرين أئمة لنا في الطريق حتى لا يكونوا غالبين علينا (فانصرنا على القوم الكافرين)، واجعلنا عليهم غالبين آمين.
3 - دمجه لسورتين دمجًا تظهر بشاعته لأول وهلة، من خلال إدخاله للمعاني بينهما بلا ضابط ولا دليل مقبول، ويظهر هذا عنده في بعض السور القصار، مثاله: دمجه لمعاني سورة القدر مع سورة البينة، قال رحمه الله: "فصل في سر نظم سورة القدر وسورة البينة، فنقول: أما ربط أول البينة بآخر القدر فلأنه يُعلم من أول البينة أن أهل الكتاب والمشركين ما كانوا منفكين حتى تأتيهم (البينة)، أي: الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن البينة أتتهم عند نزول القرآن في ليلة القدر، كما قال الشعبي: (ابتُدئ بإنزاله في هذه الليلة)، لأن المبعث كان في رمضان، فكأنه قيل: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى مطلع الفجر من ليلة القدر؛ لأنهش مجيء البينة، وإذا جاءتهم البينة صاروا منفكين متفرقين، فظهر الربط بالأفق المبين. وأما الربط بين أولهما فلمثل ما ذكرنا فافهم. وأما الربط بين آخرهما فلأن السلام في ليلة القدر حتى مطلع الفجر وهو إنما يكون للمؤمنين، لما رُوي: أن الملائكة ينزلون في ليلة القدر ويعانقون كل مؤمن حتى جبريل عليه السلام ينزل ويُعانق فيها كل مؤمن، والمؤمن من خشي ربه كما أن الخلود في دار السلام والرضا لمن خشي ربه"أ. هـ.
الخلاصة والنتائج:
1 - المخطوط لا يخلو من الفوائد والمعاني التي لا تكاد تجدها في غيره، وبخاصة في ربطه بين آخر السورة وأول التي تليها، فإنه وفق في عدد من المواطن.
2 - في بعض المواطن تجد أن الطريقة التي اتبعها المؤلف تشعرك بأنه لا يفسر القرآن بالقرآن، بل كأنه جاء بقرآن جديد، ملفق من آيات هنا وهناك؛ وذلك من خلال جمعه آياتِ سورة مع آيات سورة أخرى من غير تتالِ بينها، ولا ينتظمها سياق واحد، ثم تفسيره لهذه الآيات كأنها متتالية في سورة واحدة، فغفر الله لنا وله.
3 - لا يُعنى المؤلف بما ينقل من أحاديث وآثار – على قلتها- بل يأخذ كل ما وجد من غير تحقيق له؛ لذلك تجده يعتمد على نصوص لا أصل لها.
4 - في تقديري أن المخطوط لا يستحق التحقيق ولا الطباعة، لكثرة التكلف والتعسف فيه، والقول في كتاب الله تعالى بلا دليل صحيح.
5 - هذه المقالة ليست حُكما باتا في شأن هذا المخطوط، بل هي مدخل للتعريف به، وطرحه للنقاش، ومحاولة استظهار لآراء المختصين في التفسير، فلكل عِلم أهله، ولا أزعم أني قرأت المخطوط بكاملة ولا قرأته بتفحص.
6 - بآخره رابط لنسخة من مقدمة المخطوط وجزئي تبارك وعم.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
نموذج للتناسب المردود بين السور: مخطوط (حور العين في تبيين حسن وجه نظم سور القرآن والكتاب المبين) لمحمد حكيم شاه القزويني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد تنازع علماء التفسير في صحة الكلام في التناسب بين آيات القرآن بعضها مع بعض، وبين سور القرآن بعضها مع بعض، بين مؤيد ومعارض، فممن عارضه وعده من التكلف والتعسف والقول في كتاب الله تعالى بغير علم: الإمام الشوكاني، وممن استحسنه في الآيات واستنكره في السور: الطاهر بن عاشور.
¥