تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا هوالمشهد الثانى فى دخول اخوة يوسف عليه و يتميز بدخول بنيامين (شقيق يوسف) معهم فى هذه المرة وباستجابتهم لطلب يوسف لهم بإحضارأخيهم ليضموه إليه كخطوة أولى فى طريق الإتيان بهم وبأهلهم جميعاً.

وفى هذا المشهد ضم يوسف إليه أخاه وصرح له بسره وأمره ... وقام بحيلة لكى يأخذ أخيه إليه ودون أن يشعرهم بأنه يوسف كما أنه لا يريد أن يأخذه قسراً وظلماً لذا (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَاية فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ* قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ* قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ* قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ* قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ* قَالُواْ جَزاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ* فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).

إن مشيئة الله قاهرة حاكمة فوق جميع عباده ... فمشيئته فاعلة بكمالات جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا .... فهى ليست مشيئة عبثية فوضوية حاشا لله سبحانه وتعالى وهكذا فإن مشيئة الله هى التى حكمت وأمرت يوسف لا مشيئة يوسف وما كان على يوسف إلا السمع والطاعة.

أذهلت المفاجأة إخوة يوسف وأدهشتهم و (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ).

وهكذا فضحتهم المفاجأة وأخرجت حقدهم الدفين تجاه يوسف ... ودل هذا على أن السنين الطويلة لم تنسيهم كرههم ليوسف مع أنهم نجحوا فى كيدهم الدفين تجاهه بإلقائه فى الجب وإبعاده عن أبيه فبدل أن يستغربوا ويستفهموا ويحاولوا الدفاع عن أخيهم ويبحثوا عن وسيلة لرد التهمة وإثبات البراءة زادوا الطين بلة وأكدوا وأثبتوا التهمة وكأن هذه البطن لا تلد إلا لصوصاً على عكس ما وصفوا به أنفسهم من قبل عندما قالوا (وما كنا سارقين) ولكن يوسف قابل فريتهم حلماً وكتم حقه صبراً وقوة إيمانية فى كظم غيظه (والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس واللّه يُحبُّ المحسنين) (آل عمران 134).

وبعد أن أفاقوا من دهشتهم وذهبت السكرة وجاءت الفكرة ... بادروا من محاولة الخروج من هذه الورطة فسألوا العزيز مستعطفين أن يأخذ أحدهم مكانه بدلاً منه ولكن يوسف رد طلبهم بأدب وحزم وعن علم وحكمة مؤكداً حقيقة إيمانية خالدة وتشريفاً رباناً حكيماً فلا يؤخذ المرء بجريرة غيره ولا يؤخذ الكل بجريرة البعض (ولا تزروازرة وزر أخرى) لقد كان رد يوسف بحق قاطعاً حاسماً آيسهم من أن يظفروا منه بطائل لذا انفردوا بأنفسهم يتشاورون فيما بينهم فيما حصل وفيما هم فاعلون (وقَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأرضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِين َارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ* وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالّعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُون).

ونلاحظ هاهنا ولأول مرة ورود اسم الله صفة وحكماً وخيرية وطاعة جهراً على لسان أحدهم وإنصاتاً فى آذان بقيتهم ... وبداية تحول جذرى فى نفوسهم آتى بعد مواقف إحسان يوسف المتكررة لهم فكأن كلامه صادف قلباً نائماً فأيقظه ... وكشفت عن أعينهم أقنعة الزيف التى حجبت بصيرتهم وعرت سوءات النفوس التى سولت لهم سوء أعمالهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير