[صفحات من كتاب يوسف أيها الصديق (2)]
ـ[هاني درغام]ــــــــ[09 Jan 2010, 10:05 م]ـ
- يوسف في بيت العزيز: (الآيات21 - 34)
(وَقَالَ الَّذي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
كان من الممكن أن يشتري يوسف أي إنسان عادي عابر لقلة ثمنه ولزهد عارضيه فيه ولكن أن يكون أول من يرغب فيه ويشتريه هوعزيز مصرأمر فيه لفتة ربانية إلي حسن تدبير الله للأمورعموماً وليوسف خاصة ولحكمته وقيوميته علي خلقه وواسع علمه.
وللفت النظر إلي أنه مهما كان يوسف عند الناس (مبعداً محروماً ... مملوكاً مباعاً بأبخس ثمن) فإنه عند الله عزيز رفيع كريم وجيه ... وللفت النظرأيضا إلي حفظ الله ليوسف وتدبيرأمره له بحكمة وعناية وإحسان.
وهكذا ينتهى المطاف بالسيارة ليسيروا بيوسف إلى مصر ... وينتقل المشهد الآن بيوسف إلى بيت من بيوتات مصر ... ويعرج يوسف درجاً من العلو والإكرام مادياً ومعنوياً.
ففى هذا البيت مكن الله ليوسف فى الأرض تمكيناً مادياً فى أكرم إقامة ومعنوياً فى أكرم صفة صفة العلم والتمكين الربانى الكريم.
وهكذا نرى رعاية الله ليوسف وتدبير أمره على أحسن ما يكون جزاء حسناً فى كل صبر وعاقبة حسنى فى كل ابتلاء ... فالجب المظلم الموحش صاربرحمة الله ووحيه جنة وارفة النعم والخيرات وواحة نجاة وبرأمن مما مضى وباب خير وعطاء لما هو آت كذلك كان بيت الذى اشتراه من مصر وكما سيكون السجن كذلك.
(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَّ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ* وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ* وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ هِي رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ* وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ* يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)
ولما بلغ يوسف مبلغ الرجال طلبت منه امرأة العزيز فعل الفاحشة فتهيئت له وغلقت الأبواب وهنا أطلق يوسف ثلاث كلمات بل ثلاث صواعق كالجبال ألقاها على مسامعها بكل الثقة والصدق والهدوء والثبات ... لقد تفجرت الكلمات بشكل عفوى كرد فعل بديهى طبيعى من قلب مؤمن من غيرانتظار ولا تردد ولا تلعثم:
• معاذ الله: كلمة يوسف الأولى والتى تعنى أن الله هو توجهه الأول يفر ويلجأ إليه ويستغيثه ويستنصر به ... فهى عنوان التوجه الإيمانى يقولها المؤمن مستجمعاً معانيها مستحضراً فعاليتها ... وهى عند المؤمن فاتحة كل تلاوة ودفع كل شر وشيطان ونازلة.
• إنه ربى أحسن مثواى: هذه هى الكلمة الثانية في انفجارالحق من صدر يوسف إنه ربى أحسن مثواى ... تفضل على بنعم الربوبية الكريمة وأحسن مثواى حيث ساقنى بلطيف قدره وحكيم تدبيره إلى مقام كريم فى بيت كريم بعد أن كنت مشرفاً على الهلاك فى الجب فكيف أقابل إحسان ربى بالسوء وكيف أخون ربى الذى ربانى بالنعم إيجاداً وإمداداً وأصلح لى أمرى وشأنى كله؟
• إنه لا يفلح الظالمون: وهذه هى الكلمة الثالثة والأخيرة فى رده عليها وهى سنة من سنن الله الحقة فالظالمون لا يفلحون والخسران مصيرهم المحتوم.
لقد كان يوسف قمة فى إحسانه فى رد فعله:
• إحسانه فى طاعته ومراقبته لربه (مع ربه)
• إحسانه فى صدقه وإخلاصه وثباته (مع نفسه)
• إحسانه فى إخلاصه للعزيز (مع الصديق)
¥