[صفحات من كتاب يوسف أيها الصديق (4)]
ـ[هاني درغام]ــــــــ[27 Jan 2010, 01:16 ص]ـ
7 - يوسف ولقاء إخوته (الآيات 58 - 93)
• المشهد الأول: (58 - 68):
وينتقل المشهد الآن إلى يوسف مع إخوته ومجيئهم إليه لما أصابهم القحط فدخلوا على يوسف الذى صار الآن حاكماً على خزائن مصر ومشرفاً على شئونها وحفظها وتوزيع الحصص والميرة بنفسه فقد كانت مصر بحسن تدبير يوسف مركز ومخزن للغذاء للمنطقة كلها.
(وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ* وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ* فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ)
أراد يوسف أن يزيد من شحنة الترغيب وقوته فيهم لما يعلمه من شدة تعلق الشيخ الكبير بالإبن الصغير وأن يجعل بين أيديهم حجة مؤثرة على أبيهم ودليلاً ملموساً على صدق قولهم لذا (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انْقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ... وكان جواب أبيهم حاضراً وفوريا ًإذ ما جرى منهم فى أمر يوسف من قبل لا ينسى وألمه لا يخف والمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين فرد عليهم باستفهام إنكارى تقريعى (قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَحِمِينَ).
فالله خيرحافظاً وهوأرحم الراحمين:
حقيقة إيمانية قرآنية راسخة يجب على كل مؤمن أن يغرسها فى قلبه ويجعلها نصب عينيه فى كل أمر وشأن.
(وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ* قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) وبعد أن رضخ الأبناء لشروط أبيهم وآتوه موثقاً من الله على ذلك ألقى عليهم الأب خلاصة حكمته وخبرته ناصحاً ومعلماً ومرشداً وموجهاً (وَقَالَ يبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ* وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
وهنا يعطينا يعقوب عليه السلام درساً تعليمياً تربوياً تطبيقياً بحقيقة التوكل الحق وهى القيام باتخاذ الأسباب السليمة اللازمة مع الإعتقاد الجازم بأن الفاعلية المطلقة هى لله وحده بهذا السبب أوذاك أوبلا سبب البتة (كن فيكون).
وقصة نبى الله نوح عليه السلام ببناء الفلك سبباً والركون إلى الله الرحمن الرحيم فاعلاً فى السبب ومنجياً من الغرق خير دليل على ذلك ... وابن نوح اتخذ الأسباب (الجبل) واعتمد عليها وحدها ولم يعتمد على الله ولم يؤمن به ... فنجى نوح ومن معه وأغرق ابن نوح وجميع من على الأرض ممن اتخذ الأسباب ولم يعتمد على الله ... ورحلة هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام شاهد تطبيقى عملى ودليل وأسوة حسنة على ذلك.
• المشهد الثانى: (69 - 87):
¥