تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم نقل الدكتور فهد الرومي ما يناقض ذلك تحت عنوان "طرق الاستدلال في القرآن الكريم" فذكر طرقا منطقية مستخرجة من القرآن العظيم وهي في صورتها على طريقة المقدمات والنتائج، كالذي سماه قياس الخلف (ص589) ومثّل له بقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وقد بين العلماء ـ كالذين نقدهم نقدا شديدا بلا مبرر ـ أن هذه الآية حجة في إثبات وحدانية الله تعالى، وهي على شكل قياس منطقي يسمى بالقياس الاستثنائي، وفصلوا القول فيه، وذكروا بعض مقدماته المحذوفة لكونها في مقام الجلاء.

بل إن الدكتور فهد قرر هذا الدليل من الآية بطريقة المتكلمين في قوله: " لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ولا يتسق على إحكام، ولكان العجز يلحق بهما أو بأحدهما، وذلك أنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته فإما أن تنفذ إرادتهما، وهذا لا يمكن لاستحالة اجتماع الحياة والموت في جسم واحد في آن واحد، وإما أن لا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه، والإله لا يكون عاجزا". (ص 589)

وهذا التقرير للدليل وإن نقله الدكتور فهد عن الإتقان للسيوطي، إلا أنه دليل المتكلمين كإمام الحرمين أبي المعالي وحجة الإسلام الغزالي والإمام الفخر الرازي، وهو مقرر في جميع كتبهم، وهؤلاء العلماء قد نقل الدكتور فهد في نفس المبحث القدح فيهم وفي جهودهم الكلامية، ثم يستشهد بها ويقرر دليلهم لفهم الآية القرآنية.

لا شك أن فيما أشرت إليه هنا من صنيع الدكتور فهد اضطراب وتناقض، والسبب في ذلك أن العلماء المعول على فهومهم قد توافقوا على أن القرآن العظيم تضمن الأدلة العقلية والمنطقية والحجج والبراهين الجلية في الرد على جميع المخالفين للعقائد الإسلامية، وهي مذكورة في صورة أقيسة منطقية، صحيحة الصورة، وصحيحة المادة، وبالتالي صحيحة النتيجة، خلافا للأدلة الفلسفية فهي وإن كانت صحيحة الصورة إلا أنها فاسدة المادة، ولهذا أنتجت لهم نتئج فاسدة.

ولا يلزم من فساد مواد الفلاسفة فساد صور أدلتهم، كما لا يلزم من فساد مواد أدلة الفلاسفة نفي وجود أدلة منطقية صحيحة في القرآن العظيم صورة ومادة.

فخلاصة القول أن القرآن العظيم تضمن القياسات المنطقية بصورها الاستثنائية والاقترانية، وهي أصول الصور، وهي مبثوثة بالقوة في الآيات القرآنية وبعضها بالفعل كالمثال المذكور، وهذا المقام ـ أقصد استنباط الأدلة المنطقية من القرآن العظيم ـ لا يستطيعه إلا نخبة العلماء المجتهدين الذين أتقنوا آلة المنطق التي سخرها الله تعالى للعلماء لتمييز صحيح الأفكار من الفاسد، وبهذا تعلم أن الذين أعرضوا عن فن المنطق وحسبوه شرا فقد أعرضوا على جانب مهم جدا من جوانب تدبر القرآن العظيم، وعلمت أن نقدهم للعلماء الذين أتقنوا المنطق واستنبطوا من القرآن العظيم الحجج والبراهين هو نقد مبني على تعصب مذهبي بلا تحقيق علمي.

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[25 May 2010, 08:24 م]ـ

ومن الأمور التي لفتت انتباهي في كتاب "دراسات في علوم القرآن الكريم" تحديدا عند الكلام على إعجاز القرآن، انسجام الدكتور فهد مع مذهب جمهور علماء أهل السنة في تعريف المعجزة وشروطها، بدأ بتعريف المعجزة اصطلاحا بقوله: هي أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة، يجريه الله تعالى على يد نبيه، شاهدا على صدق. (ص281)

ثم فصل الدكتور القول في هذه القيود، وأردفها بذكر شروط المعجزة تفصيلا، وأبرز ما يلفت الانتباه تركيزه الجيد على كون المعجزة يلزم أن تكون أمرا خارقا للعادة، وأيضا خارجة عن قدرة البشر، بل والجن والملائكة، فقال مثلا في (ص282) "ونريد بقولنا (يجريه الله على يد النبي) أن المعجزة وإن جاء بها النبي فليست من عنده، وليست في قدرته، لكنها من الله. اهـ

وأكد هذا المعنى في (ص285) بقوله: لا يقدر البشر كلهم بل والجن معهم على الإتيان بمثلها لأنها من قدرة الله وحده. اهـ

والذي يلفت الانتباه أن الدكتور فهد لم يتأثر بنقد ابن تيمية لهذه الشروط في كتابه "النبوات" (ص 215 ـ 220) بل قال ابن تيمية على الشرط الثاني وهو كون المعجزة لا تكون مقدورة لغير الله تعالى: "هو قول كثير من أهل الكلام من القدرية والمثبتة للقدر وغيرهم" (ص 217)

ولا شك عند التحقيق أن نقد ابن تيمية لشروط المعجزة عند جمهور العلماء كما ذكرها الدكتور فهد نقد ضعيف، ولهذا لم يكترث له كل العلماء المعتبرين الذين جاؤوا بعده، ومن أكبر دليل على ذلك اعتماد الدكتور فهد قول جمهور العلماء في اعتبار هذه القيود والشروط، وهذه علامة تحرر جيدة، وتحقيق في هذه النقطة.

ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[18 Sep 2010, 01:30 م]ـ

جزى الله الدكتور فهد على ما قدم لعلم التفسير، على أمل أن تزدان مكتبتي بمؤلفاته عندما اتمكن من شرائها،كتبا تقر بها العيون، فأنا ليست قارئا مجيدا لملفات bdf . وجزي صاحب الموضوع خيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير