تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وسلم مضافا إلى (الأصحاب)، و إنما قالوا: أصحاب معاذ كما تقدم في الإسناد عند جميع من عزونا الحديث إليهم، إلا في رواية لابن عبد البر، و هي من روايته عن أحمد بن زهير قال: حدثنا علي بن الجعد ...... و أحمد بن زهير هو ابن أبي خيثمة. و إليك أسماء الثقات المخالفين لابن الجعد في روايته تلك: الأول: أبوداود الطيالسي نفسه في " مسنده " و عنه البيهقي. الثاني: محمد بن جعفر عند أحمد و الترمذي. الثالث: عفان بن مسلمة عند أحمد أيضا. الرابع: يحيى بن سعيد القطان، عند أبي داود و ابن عبد البر في الرواية الأخرى. الخامس: وكيع بن الجراح عند الترمذي. السادس: عبد الرحمن بن مهدي عند الترمذي. السابع: يزيد بن هارون عند ابن سعد. الثامن: أبو الوليد الطيالسي عند ابن سعد. فهؤلاء ثمانية من الثقات و كلهم أئمة أثبات، لاسيما و فيهم يحيى القطان الحافظ المتقن لو أن بعضهم خالفوا ابن الجعد لكان كافيا في الجزم بوهمه في نسبته (الأصحاب) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى معاذ، فكيف بهم مجتمعين؟! ومثل هذا لا يخفى على الكوثري، و لكنه يتجاهل ذلك عمدا لغاية في نفسه، و إلا فإن لم تكن رواية ابن الجعد هذه شاذة فليس في الدنيا ما يمكن الحكم عليه بالشذوذ، و لذلك لم يعرج على هذه الرواية كل من ترجم للحارث هذا. فثبت مما تقدم أن الحارث بن عمرو هو من صغار التابعين، و ليس من كبارهم، و قد صرح بسماعه من جابر بن سمرة في رواية الطيالسي في " مسنده " (216) عن شعبة عنه.

و الآخر: هب أنه من كبار التابعين، فذلك لا ينفي عنه جهالة العين فضلا عن جهالة الوصف عند أحد من أئمة الجرح و التعديل، بل إن سيرتهم في ترجمتهم للرواة يؤيد ما ذكرنا، فهذا مثلا حريث بن ظهير من الطبقة الثانية عند الحافظ، و هي طبقة كبار التابعين، فإنه مع ذلك أطلق عليه الحافظ بأنه مجهول. و سبقه إلى ذلك الإمام الذهبي فقال: " لا يعرف ". و مثله حصين بن نمير الكندي الحمصي.

قال الحافظ: " يروي عن بلال، مجهول من الثانية ". و نحوه خالد بن وهبان ابن خالة أبي ذر. قال الحافظ: " مجهول، من الثالثة ". 3 - قوله: " و لم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه ". قلت: لا ضرورة إلى هذا الجرح، لأنه ليس بمثله فقط يثبت الجرح، بل يكفي أن يكون جرحا غير مفسر إذا كان صادرا من إمام ذي معرفة بنقد الرواة، و لم يكن هناك توثيق معتمد معارض له، كما هو مقرر في علم المصطلح، فمثل هذا الجرح مقبول، لا يجوز رفضه، و من هذا القبيل وصفه بالجهالة، لأن الجهالة علة في الحديث تستلزم ضعفه، و قد عرفت أنه مجهول عند جمع من الأئمة النقاد و منهم الإمام البخاري، فأغنى ذلك عن الجرح المفسر، وثبت ضعف الحديث. 4 - قوله: " و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيق عن أهل طبقته ". فأقول: فيه أمور: أولا: أن الحارث هذا لم يثبت أنه تابعي كبير كما تقدم فانهار قوله من أصله. و ثانيا: أنه لا قائل بأن الراوي سواء كان تابعيا أو ممن دونه بحاجة إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في ذلك أن يوثقه إمام من أئمة الجرح و التعديل سواء كان من طبقته أو ممن دونها، فلما كان الحارث هذا لم يوثقه أحد ممن يوثق بتوثيقه بل جهلوه فقد سقط حديثه. 5 - قوله: " بل يكفي في عدالته ........ (إلى قوله) من رجال تلك الطبقة ". قلت: هذه مجرد دعوى، فهي لذلك ساقطة الاعتبار، فكيف و هي مخالفة للشرط الأول من شروط الحديث الصحيح: " ما رواه عدل ضابط ..... " فلو سلمنا أن عدالته تثبت بذلك، فكيف يثبت ضبطه و ليس له من الحديث إلا القليل بحيث لا يمكن سبره و عرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه، أو بأنه وسط بين ذلك. كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يرو فيهم جرح أو تعديل ممن قبلهم من الأئمة. و يكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في" علم المصطلح " أنه مباين لما جاء فيه: أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهورين كما تقدم عن الخطيب. و لما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس الأسلمي، و مسلما عن ربيعة بن كعب الأسلمي و لم يرو عنهما غير واحد. رده النووي في " التقريب " بقوله (ص 211): " و الصواب نقل الخطيب، و لا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير