تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الكلام لأنى كنت أظن أنهم فى أمريكا لا يبالون بمثل هذا الأمر. وأزيد القارئ من الشعر بيتا فأقول إن المولود الثالث لنا بنت أيضا. أى أننا بدأنا ببنت، وختمنا ببنت، وبينهما ولد. وأذكر أننى، ولا أدرى لماذا، كنت أتوقع أن يكون ذلك المولود الثالث ولدا. فلما وضعت زوجتى الطفل ذهبت إليها فى مستشفى الطائف للولادة، وكانت مرهقة ولا تزال تحت تأثير المخدر، فوجدت البنت الصغيرة بجوارها فى الحاضنة الزجاجية التى يرقد فيها الأطفال الرُّضَّع هناك. فما إن أمسكت بها وتأكدت أنها بنت لا ولد حتى جاشت نفسى وكادت الدموع تطفر من عينى، إذ أحسست بعطف وحنوّ عجيبين على تلك المخلوقة الجميلة الرقيقة الضعيفة العاجزة التى وهبنيها الله سبحانه وتعالى رغم حبوب منع الحمل فكسرت الحواجز وأتت رغم أنفنا لتكون سعادة لنا وبهجة لحياتنا. ومن يومها وأنا أحبها حبا خاصا، وإن لم يمنع هذا من معاقبتها عند اللزوم. إلا أنها بكل تأكيد قد ملأت حياتنا حبورا ونورا. ومن ناحية أخرى فلست أذكر أبدا أننى آثرت ابنى الوحيد فى شىء على أختيه ولا دللته أكثر من أى منهما. وأنا عادة معتدل فى مثل تلك الأمور، فلا تدليل ولا قسوة، وإن كنت لا أخلو من الميل إلى التدليل مرة أو الشدة أخرى حسب الظروف.

ولا أذكر أيضا أننى حقرت من النساء أبدا رغم ضيقى الشديد أحيانا ببعض تصرفات زوجتى أو بطريقة تفكيرها كما يقع بين كل الأزواج، بل أعزو اختلاف الطريقة التى يفكر بها كل منا عن الآخر فى بعض الأحيان إلى أننا جنسان مختلفان رغم اتفاقنا فى البشرية والخطوط العامة التى تربط البشر بعضهم ببعض ذكرانا وإناثا، وأن هذه حكمة الله لا دخل للنساء فيها ولا للرجال، فما بأيدينا خُلِقْنا مختلفين، بل هذه سنة الحياة. وعادة ما أستشير زوجتى، وكثيرا ما أخذت برأيها، وكثيرا ما أهملته. ولكنها قد وقفت معى مواقف يعز على أغلب الرجال أن يتخذوها، وهو ما يجعلنى أتغاضى عما أعتقده عيوبا فيها، وإن كنت لا أدّعى لنفسى دوام التحلى بسعة الصدر والتفاهم أو خلوّى من العيوب، والعيوب الشنيعة، وعلى رأسها افتقارى عادةً إلى طول البال. وأرانى أعطف على البنات والنساء وأقول إنه إذا كان بعض النساء قد خدعن الرجال فما أكثر الرجال الذين دوّخوا النساء السَّبْع دَوْخات وأكلوا حقوقهن ومصمصوا عظامهن ورَمَوْهُنّ فى نهاية المطاف رمية الكلاب. إلا أننى رغم هذا أقف ضد قوانين الأحوال الشخصية التى تضارّ الرجل وتُنْكِيه ظلما وعدوانا لمصلحة المرأة كما يزعمون، على حين أن السبب الحقيقى هو مغازلة الغرب والعمل على إرضائه والبرهنة له على أننا نِسْوِيّون بما فيه الكفاية.

وأنا، بعد، أرجع إلى أصل ريفى، وقد تعلمت فى الكُتّاب والأزهر حتى نهاية المرحلة الإعدادية، ثم حولت أوراقى إلى وزارة التربية والتعليم. أى أن نشأتى نشأة تقليدية، إلا أننى كنت وما زلت أنطلق فى رؤيتى للأشياء من قيم الإسلام، ولا أرى للأمر وجها آخر. وساعدنى على هذا أننى بدأت القراءة منذ وقت مبكر، وكانت قراءتى لمؤلفات كبار الكتاب منذ اللحظة الأولى، فوسع هذا كله أفقى رغم أنى ريفىٌّ قُحٌّ كما رأيتم، وإن لم يكن باستطاعتى الزعم بأننى فى كل ما أعمل وأدع قد نجحت فى ترجمة ما أومن به إلى واقع. فدائما ما تكون هناك مسافة بين النظر والعمل، وهو ما عبر عنه الرسول العبقرى عليه الصلاة والسلام بقوله: "سَدِّدوا وقَارِبوا"، وقوله: "كلكم خطاؤون، وخير الخطائين التوابون"، وقوله: "لو لم تُذْنِبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يُذْنِبون فيستغفرون الله فيغفر لهم". وكل ما أرجوه ألا تكون هذه المسافة من الاتساع على نحوٍ مُخْزٍ.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 May 2010, 03:06 م]ـ

شكر الله لك دكتور إبراهيم عوض على هذا المقال الماتع.

تقول:

"أما أنا فأفهم الآية على أساس أن الله تعالى قد خلق آدم وحواء كليهما من نفس واحدة هى النفس البشرية التى تتحقق فيها خصائص النوعين جميعا، ثم لما شعبها نوعين ذهب كل نوع بخصائصه التى تميزه عن النوع الآخر، مع السمات العامة المشتركة بين الذكر والأنثى. وأحسب أن تفسير الآية على هذا النحو أكثر استقامة وأدنى إلى التوافق مع تركيب الكلام فيها."

وسؤالي على أي شيء استندت في فهمك أعلاه هل هو على اللغة أم على نص معين أو فهم من مجموعة نصوص؟

وإذا كان آدم وحواء خلقا من نفس واحدة هي النفس البشرية فما هي مواصفات تلك النفس البشرية؟

ثم إذا كنا نحن المخاطبين بالقرآن "بني آدم"خلقنا من آدم وحواء فمن هو زوج تلك النفس التي خلق منها؟

ثم تقول عن النووي رحمه الله:

فى شرحه لحديث مسلم: "لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر"، إن حواء هى المسؤولة عن السقوط من الجنة، إذ زين لها إبليس الأكل من الشجرة وأغواها فأخبرت آدم بها فأكل منها، فلا أدرى كيف واتته نفسه به، وقد حسم القرآن الأمر بأن إبليس قد غرر بآدم وزوجه معا لا بحوّاء وحدها ثم أكملت هى الأمر بإغراء زوجها. بل إن القرآن ليركز الضوء على آدم فقط عند حديثه عن العصيان والغَوَاية: "فعصى آدمُ ربَّه فغَوَى". يؤسفنى أن أقول إن هذا أثر من آثار الإسرائيليات،

إذا ترى أن تفسير النووي متأثر بالإسرائيليات، فما هو تفسيرك للحديث؟

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير