تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

المحاضرة الثالثة: " الأخطاء التي تتضمنها ترجمات وتفاسير القرآن [الكريم] بصدد بعض الآيات التي لها صلة بالعلم الحديث".

الدكتور موريس بوكاي

الرئيس السابق لعيادة الجراحة بالجامعة الفرنسية

وعضو الجمعية الفرنسية للأمراض الباطنية – فرنسا.

((لقد كنت في السنة الماضية أجهل بطبيعة الأمر الموضوعات التي وقع عليها الاختيار لتكون مدار المناقشة في هذا الملتقى، ولذلك تقدمت لكم ببعض الملاحظات بخصوص مضار بعض ترجمات وتفاسير القرآن [الكريم] في مجموعه بالغرب، وكنت قد تعرضت باختصار في عرضي الوجيز إلى الأخطاء المتعلقة بالآيات التي تلفت بصورة خاصة انتباه رجال العلم في عصرنا الحاضر، وجاء برنامج ملتقى هذه السنة الذي شرفني السيد وزير الشؤون الدينية [الشيخ عبد الرحمن شيبان حفظه الله] بدعوتي إليه، وإني له على ذلك من الشاكرين، جاء برنامج هذا الملتقى إذن ليثير في ذهني فكرة العودة إلى هذه المسألة بصدد الآيات التي تتصف بهذه الخصوصية.

وإني التمس منكم المعذرة إذا ما تضمن عرضي اليوم تكرارا لبعض ما سبق أن عرضته على مسامعكم في السنة الماضية، لأني أرى انه من الأهمية بمكان أن يعود المرء إلى التنبيه إلى المضار التي تنجر عن هذه الترجمات أو التفاسير غير الصحيحة.

ويمكن أن تظهر هذه المضار في العالم الإسلامي وخاصة لدى الطلاب، ولدى الذين أصبحت لهم في يومنا هذا لحسن الحظ معارف في المسائل العلمية لأنهم لا يؤمنون بفعل بعض التفاسير غير الملائمة أن يفترضوا وجود تناقض ما بين القرآن [الكريم] والعلم، والحال أنه لا وجود لهذا التناقض، غير أن الأضرار قد تلحق أيضا بنفس الطريقة، أي معرفة صحيحة بالقرآن [الكريم] وبالإسلام في البلاد غير الإسلامية، لأنه غالبا ما تنتشر فيها – للأسف الشديد – أفكار خاطئة عن القرآن [الكريم] والإسلام، ولا بد من الاجتهاد في تصحيحها.

اسمحوا لي أن أقدم لكم بهذا الصدد مثالا مميزا للغاية بخصوص ما جرت عليه ترجمة كلمة " علق " المأخوذة من سورة العلق (الآيتان 1 و2).

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ () خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}

فكلمة " علق " في الترجمات الانجليزية والفرنسية للقرآن [الكريم] تترجم بجلطة دم أو الدم المتخثر أو التصاق واتصال دموي، إلا أن جلطة الدم أو الدم المتخثر هي الترجمة المفضلة في الغالب على ما أظن لدى المؤلفين، فهؤلاء غالبا ما يبرزون في تعاليق كتبهم أهمية أول ما أوحى الله به على رسوله [صلى الله عليه وسلم]، وبإمكانكم أن تقرؤوا مثلا في ديباجة ترجمة نشرت أخيرا بشمال افريقية أن الآيات الأولى من هذه السورة المترجمة إلى الفرنسية تلح على مدى تأثيرها في نفسه، وسترون أن كلمة "علق" قد ترجمت هنا " بجلطة لاصقة".

تصوروا لحظة واحدة ماذا يمكن لرجل غربي لا يحمل أية نية سيئة محو الإسلام والقرآن [الكريم] – وصدقوني فإنهم كثيرون- ويسعى لأن تكون له فكرة صائبة عن القرآن [الكريم] استنادا إلى ترجمة قام بها رجل مسلم، ماذا يمكن لهذا الرجل الغربي إذا كانت له معارف أولية في علم الأحياء أن يفكر حين يجد نفسه أمام ترجمة كهذه لكلمة " علق"، فهو يقرأ في فاتحة هذه الترجمة أن القرآن [الكريم] كلام الله [سبحانه وتعالى] أوحى به إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم]، ثم يسجل في الوقت ذاته أن الله أيد القول بان أصل الإنسان هو " جلطة لاصقة" والحال أن هذه الفكرة لا سند لها حسب المعطيات الثابتة لعلم الأحياء، فحينئذ كيف يمكن للقارئ، إذا كان له ابسط إلمام بالمنطق أن يصدق بان الله أوحى بما نعلم تمام العلم انه غير صحيح؟ فما النتيجة التي يخرج بها هذا القارئ من قراءته؟ وإني ناقل لكم ما حدثني به بعض رجال الغرب ((كيف يمكن لكم أن تؤيدوا في هذه الحالة – كما سمعتهم يقولون – أن يكون القرآن [الكريم] كلام الله؟ إن هذا مستحيل أمام هذه التأكيدات)) وأضيف بان الترجمة السيئة قد تعهدت هذا الغموض بالرعاية إلى درجة أن المؤلف أوضح في تعاليقه على هذه السورة التي جعل عنوانها " جلطة دم " أن ((هناك إشارة إلى العلم في الآيات الثماني الأولى التي كانت موضوع هذا الوحي الأول))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير