تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من المعروف أن هناك علاقات طيبة قد تكونت في نهاية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) بين ملك القطعان الذهبية وملك مصر الظاهر بيبرس بندقداري المنحدر أصلا من آسيا الوسطى، وثمة رواية تفيد بأن بركة خان أول من اعتنق الإسلام من أخلاف جنكيز خان، وأنه سعى دائما إلى إقامة العلاقات الطيبة مع ملوك مصر، وتطور فيما بينهم تبادل المبعوثين والمراسلات والهدايا.

وأقامت هاتان الدولتان علاقات فيما بينهما لإضعاف قوة دولة هولاكو الوثنية في إيران، وفي إحدى المرات كما يروي النويري تضمنت الهدايا المرسلة من مصر نسخة من مصحف عثمان [رضي الله عنه]، وأثناء تناوله لرواية النويري هذه يخبر مؤلف كتاب " تلفيق الأخبار في تأريخ قازان وبلغار" الشيخ مراد بن عبد الله الرمزي البلغاري ما يلي:

((من الممكن أن يكون ذلك المصحف الكريم الذي اشتهر كمصحف عثمان [رضي الله عنه] والذي تم نقله من سمرقند إلى بتربورغ للحفاظ عليه وصيانته في المكتبة الإمبراطورية، من الممكن – وهو أمر غير مستبعد- أن يكون ذلك المصحف بالذات الذي نقله تيمورلنك إلى مدينة سمرقند بعد انتصاره على قوات توختاميش خان والاستيلاء في عام 1397م، على مدينة ساري التي كانت عاصمة لدولة التتر، إن هذا الافتراض مقبول أكثر وليس ثمة معنى لدحضه من قبل البعض، نظرا لأنه لا توجد لديهم براهين لصالح أدلتهم)) ((المجلد 1 صفحة 443)).

لقد أورد النائب السابق لرئيس الإدارة الدينية لمسلمي آسيا الوسطى وقازاغستان إسماعيل مخدوم ساتييف في كتابه " تاريخ مصحف عثمان في طشقند" روايات أخرى حول كيفية وصول مصحف عثمان [رضي الله عنه] إلى سمرقند، ويفنا يلي ذكر لبعض من هذه الروايات:

يتحدث محمد أمين الخانجي في كتاب " منجم العمران" عن أن ابن بطوطة شاهد مصحف عثمان [رضي الله عنه] في البصرة، وقد أخذه تيمورلنك معه في طريق عودته من سوريا.

ويكتب ابن نصير في كتاب " فضائل القرآن: " يوجد واحد من مصاحف عثمان [رضي الله عنه] الأساسية الآن في مسجد سوريا، وكان هذا المصحف للقرآن الكريم قبل ذلك محفوظا في مدينة طبريا، ومن ثم نقل إلى دمشق في حوالي عام 518 للهجرة، وقد شاهدته شخصيا، وكان ذا حجم كبير ومكتوبا بخط واضح ودقيق، وبحبر ثابت راسخ على الجلد، وافترض أنه مصنوع من جلد الجمل " ((ص 49)).

ويورد ابن بطوطة في كتابه " تحفة النظار" هذه المعلومات

-عندما قام بزيارة سوريا شاهد المصحف الكريم الذي وجهه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الشام، كما شاهد مصحفا مماثلا بالكوفة وهو المصحف الكريم الذي كان عثمان رضي الله عنه يقرأ فيه لما قتل، وأثر تغييره الدم في الورقة التي فيها قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137].

- احترق مصحف القرآن الكريم الذي كان موجودا في دمشق أثناء حصار تيمورلنك للمدينة، أما الذي كان محفوظا بالبصرة فقد أخذه تيمورلنك معه إلى سمرقند.

وإلى هذه الرواية بالذات يميل الكاتب والمؤرخ الروسي، المستشرق شيبونين الذي كتب في مؤلفه " القرآن الكوفي " ما نصه: " ... لقد تمت زيارة ابن بطوطة لسوريا قبل غزوها من طرف تيمورلنك، وتبعا لذلك فإن معلومات ابن بطوطة مقبولة تماما، ولم يكن بالإمكان أن لا يلفت مثل هذا الأثر القيم كمصحف عثمان [رضي الله عنه] اهتمام القائد الجبار تيمورلنك ... ".

إن المعطيات التي أتينا على ذكرها لا تسمح بالتأكيد على أن نسخة طشقند للقرآن الكريم هي تلك النسخة بالذات التي كانت عائدة للخليفة عثمان [رضي الله عنه]، ولكن في نفس الوقت تدل هذه المعلومات على أن مصحف عثمان [رضي الله عنه] المحفوظ في طشقند هو واحد من تلك المصاحف التي كتبت تحت إشراف الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

ثمة أمر هام ويجب التأكيد عليه بصورة خاصة، وهو أن كل واحد من المصاحف الخمسة أو الستة على درجة واحدة من التبجيل والتقديس والاحترام بالنسبة للمسلمين.

...

وفيما يتعلق بمصاحف عثمان [رضي الله عنه] المشهورة الآن، بما فيها المصحف المحفوظ في طشقند، فإنها خالية تماما من التحسينات والتكميلات التي عرفتها المصاحف في عصور الخلافة الأموية والعباسية من وضع للحركات والشكل وغيرها.

وهذه الأدلة هي لصالح تأكيداتنا أنه يمكن اعتبار مصحف طشقند أحد المصاحف الأولى للخليفة عثمان رضي الله عنه.

إن هذا المصحف الشريف جدير بالاهتمام والتقدير الكبيرين، وهو موضع شرف، ويقتضي في المستقبل القيام بتحليل دقيق ودراسة من قبل العلماء والاختصاصيين الأوزبك، وذلك لتقديمه في كامل جلالة وقدسيته.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير