تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حقيقة وقوعه أو مصداقيته ولذلك كله حق ولذلك نتحاكم إليه ولا نحكم عليه. قال (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ) فاطمئن يا محمد ولا يضرنّك تكذيب قومك به بهذا نعلم أن الناس إن خالفونا وإن أجمعوا على معاداتنا وإن لم يؤمنوا بما جئنا به فلنكن مطمئنين لأن الحق معنا وأن الذي ندعو إليه هو الحق موافق لما في كلام الله عز وجل ولا يضرنا إن كفروا به أو خُذلوا فلم يؤمنوا بما جاء عن الله عز وجل. قال (قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ) ما دام هذا هو الحق بلّغتكم إياه فكذبتم فلست وكيلاً عليكم يعني فلست مسؤولاً عنكم فإنما على الرسول البلاغ وليس عليه شيء أكثر من ذلك وهذا رحمة من الله عز وجل بنا لو شاء الله لكلّفنا إيمان الناس ولكن لعلمه أن إيمانهم ليس بايدينا وإنما بيده (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) القصص) ولذلك لم يكلفنا الله شيئاً ليس في طوقنا ولا وسعنا قال جلّ وعلا (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أي كل خبر فإنه سيأتي يوم يعلم فيه حقيقة ذلك الخبر شئتم أم أبيتم. ما من شيء وقع في العالم إلا وسيأتي يوم تُعرف به حقيقة هذا الأمر وإن اختلف الناس وإن زيّف المزيفون ودجّل المدجلون وكذب الأفاكون وفعلوا ما يستطيعون من تزوير للتاريخ وتشويه للحقائق وقلب للقضايا فإنهم إن فعلوا ذلك فإن الحق باقي وإن الحق قائم وسوف يظهر في يوم من الأيام (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ) منتهى ينتهي إليه فتُعلَم به الحقيقة إن في الدنيا وإن في الآخرة. وهذا أثبتته الوقائع كم اختلف الناس وكم حصل بينهم من الإشكالات والحوارات والمناظرات والجدال الطويل جداً ثم يبين الحق ويظهر ويأتي الله عز وجل بما يدل على ذلك. انظر إلى الفكرة الشيوعية جاءت وسادت وقامت وارتفعت وصار لها دولة حتى انضم إليها نصف أهل الأرض حتى من أهل االإسلام من انخدع بالفكرة الشيوعية وأراد أن يطبقها على المسلمين وطبقها بالحديد والنار وظن الناس أن هذا حق من الحق لكثرة الجلبة عليه ثم ذهبت هذه الفكرة كأنها فقاعة لم يبق منها شيء. واليوم الناس ينظرون إلى الرأسمالية وهي تترنح باطل كم زيفوا هذا الباطل وكم زخرفوه وكم زينوا له وكم طبلوا له!، فكرة الربا ماذا فعلوا بها؟ كانوا يقولون لا يمكن أن يقوم اقتصاد ولا يزدهر اقتصاد إلا بالربا واليوم يقولون المشكة والأزمة العالمية التي وقعت للناس هي بسبب الربا. المسلم مطمئن لهذه الحقيقة يعرفها قبل أن يعرفوها وهو مرتاح لحكم الله عز وجل فيها ويعلم أنه سيأتي يوم سيكتشف فيه الناس هذا الأمر. انظروا إلى العهر الذي يسمى تحرراً ويحاول أن يزينه الغربيون في أعيننا بل ويفرضوه علينا عبر الزنا وعبر جميع وسائل الترفيه التي يبتدعونها يحاولون أن يزينوه لنا ولكنهم الآن يكتشفون آية إثر آية أن هذا الذي يريدون أن يقرروه ما هو إلا باطل فجاءت قضية الإيدز والأمراض الجنسية كل هذه الأشياء ابتلي بها الناس وجاءت إليهم ليدلهم الله سبحانه وتعالى على الحق في ذلك. وغير ذلك قال الله عز وجل (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وهذا تهديد لهؤلاء الذين كفروا بالحق وعندها ستندمون لأنكم ما آمنتم بالغيب عندما جاءكم ولا آمنتم بهذا الحق الذي قامت عليه الدلائل ولكنكم كذبتم وكفرتم وتخطيتم هذه الدلائل وتعاميتم عنها (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ). ثم قال الله عز وجل (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا) أي مكذبين بها (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) يعني أعرض عن هؤلاء الذين جلسوا مجلساً يتكلمون فيه عن تكذيب آيات الله ويتحدثون فيه بأحاديث لا يليق بالمؤمن أن يسمعها أو يجلس مع أهلها لأن الجلوس مع هؤلاء القوم إقرار على باطلهم قال (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) إياك أن تقر وتجلس في ذلك المجلس. وهذه الآية آية مكية وجاءت آية مدنية تؤكد هذا المعنى وتدل عليه قال الله عز وجل (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير