تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وصايا أوصانا الله سبحانه وتعالى بها هي من أصول هذا الدين وهي قضايا لا يدخلها النسخ لأنها من الحقائق المجمع عيها التي اتفقت عليها الشرائع بها وجاء بها الأنبياء ونزلت بها الكتب ولذلك قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه مبيناً أهمية هذه الوصايا "من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ هذه الآيات (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) إلى قوله (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وهي الآيات الثلاث التي ذكرناها. وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتب ثم قرأ الآيات (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) وهذا الحديث كما قال الحاكم صحيح الإسناد. هذه الآيات لو تأملناها لوجدناها جامعة لأصول وحقائق عظيمة جداً تمثل الركن الأساس لقيام هذا الدين ولذلك جعلها الله عز وجل حقائق معدودة وأيضاً محدودة ليسهل فهمها وجمعها من أجل أن يجتمع القلب عليها وأن يراعيها كل إنسان وجاءت في القرآن المكي لأنها من أصول الدين. قال الله جل وعلا (قُلْ) وكل آية افتتحت بـ (قُل) ففيها مزيد عناية (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) تجد أن الآيات التي تفتتح بـ (قُل) فيها شيء من العناية ومزيد من الاهتمام. (قُلْ تَعَالَوْاْ) هلمّوا (أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) أبيّن لكم الشيء الذي حرمه الله عليكم وحذركم من الوقوع فيه وهذه نستفيد منها أن المحرمات في الإسلام معدودة بخلاف المباحات فإنها غير معدودة ولا محدودة. يعني الأصل في الأشياء النافعة أنها مباحة وحِلٌ لنا (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً (29) البقرة) فكل شيء فيه نفع لنا فالأصل فيه أنه حلال لنا ما لم يرد ما يدل على تحريمه. وهنا قال الله جل وعلا (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) عندما قال (ربكم) عرفنا أن فيها مزيداً من العناية فهذا من تربية الله لنا ومزيد عنايته لنا فالله ما حرمها علينا إلا لشدة ضررها بنا ولأنها لا تليق بنا ولأنها مفسدة لأحوالنا الدنيوية والأخروية. قال الله جل وعلا (أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) حرّم علينا أن نشرك به أيّ شرك قليلاً كان أو كثيراً ويدخل في هذا صغير الشرك وكبيره والشرك أن يُجعل مع الله شريك بأي وصرة من الصور أو شكل من الأشكال سواء كان ذلك عن طريق عبادة الصنم أو السجود له وهو أجلى أنواع الشرك أو الطواف بالقبر وسؤال المقبورين المدد والغوث والمغفرة والرحمة والرزق وغير ذلك مما يُسأله بعض المقبورين أو أن يتخذ الإنسان شركاً من نوع (ما شاء الله وشئت) ومن نوع (والأمانة، والنبي) كالحلف بغير الله عز وجل، فكل ذلك من الشرك الذي ينبغي على المسلم أن يتقيه. فأعظم الحرمات عندنا هو جانب الشرك وجانب التوحيد تصفيته وتنقيته هو أجل ما يقوم به الإنسان ولذلك قال الله جل وعلا (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) النساء) إذن إحذر أن تقع في الشرك فإنك إذا سلمت منه سملت من شر عظيم وأنت بإذن الله عز وجل قريب من رحمة الله سبحانه وتعالى. ثم قال (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) بعد أن ذكر حقه في أن لا يُشرك به ذكر حق الوالدين لأنهما سبب وجود الإنسان ولم يذكر حقهما على سبيل أن لا يؤذيهما الإنسان ليس هذا هو المطلوب وليس المطلوب أن لا تعقهما بل المطلوب من كل أحد أن يحسن إلى والديه كما أحسنا إليك (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الإسراء). فأنت تحسن إليهما وتبدأ بفعل ذلك الإحسان قاصداً رضى الله أولاً ثم رضاهما ثانياً واعلم أن رضى الله برضى الوالدين وسخط الله بسخط الوالدين كما ثبت في ذلك الحديث الصحيح. الوصية الثالية (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) لما وصى بالوالدين انتقل بعد ذلك إلى الأولاد وهذا أمر كان شائعاً عند أهل الجاهلية وما يزال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير