تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إلى اليوم موجوداً كما تسنه الآن نظم وقوانين ودول وتعمل به ولا تجد من ينكر عليهم ففي الصين يقتلون الأولاد بالملايين وكذلك في الهند وفي كوريا وفي الدول الغربية يسن الإجهاض ويشرّع ويؤمر به حتى تستمتع النساء بشهواتهن وخصوصاً الفتيات القاصرات. (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ) لا تقتلوهم خوفاً من الوقوع في الفقر أو لأنكم قد وقعتم في الفقر بالفعل كما هو مقتضى هذه الآية. (نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) نحن نرزفكم أنتم أيها الفقراء وإياهم أي وأولادهم فقد يدعو الإنسان فقره إلى أن يقتل ولده فيقال له لا تقتله من فقر فإن الله سبحانه وتعالى يرزقك ايها الفقير ويرزق ولدك وفي سورة الإسراء (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم (31)) أنتم الآن أغنياء ولكن تخافون الفقر على أولادكم نحن نرزقهم أولاً وإياكم. فلما كانوا فقراء قال نرزقكم ولما كانوا يخشون الفقر قال نرزقهم وإياكم. ثم قال (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) الفواحش هي كل الأثام وما يستفحش يعني يتناهى في القبح (مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) فالزنا ظاهر والحسد والكبر باطن. (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ) وهي النفس المعصومة لا يحل لامرئ أن يقتل نفساً إلا في حالات ثلاث النفس بالنفس والثيّب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة. (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وهذه الأمور لكا كتنت تُدرك بالعقل ذكر العقل هنا. يعني العقل يدل عليها لو لم يأتي بذلك الشرع. وقال الله عز وجل (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) أي إحذروا من قربان مال اليتيم إلا بالصورة التي هي أحسن أي على وجه ترون أنكم تحسنون به إلى اليتيم (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) يعني حتى يصل إلى المرحلة التي يقدر فيها على حسن التصرف في المال كما قال الله عز وجل (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ (6) النساء). الوصية الثامنة (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) فكلما تتكلمون تكلموا به على وجه العدل يعني قولوا قولاً سديداً كما الله عز وجل في سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (71)) عذرنا الله في الكيل والميزان فقال (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) وأما في القول فإنه لم يعذرنا لأنن نقدر على ذلك قال (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ) قولوا قولاً عادلاً بلا ظلم ولا شطط. (وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) ولو كان الذي تقولون فيه صاحب قربى فإياكم أن تظلموا الناس بسبب قرابة من تتحدثون له أو عنه بل اعدلوا حتى مع قرابتكم لو جاءك إنسان يقول لك ما حال أبيك؟ وقد خطب ابنتي وأنت تعرف أن أباك لا يستحق ذلك فقل الحق فيه (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى). ثم قال الله عز وجل (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ) إذا عاهدتم عهداً فوفّوا بها ومن ذلك الوفاء بالمواعيد وإذا عقد الإنسان عقداً كعقد النكاح وفّى بما عقد عليه وكذلك ما يكون بيننا وبين أعدائنا.

ثم ختم الله هذه الوصايا بوصية جامعة عظيمة قال (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) إتبعوا هذا الصراط وهو القرآن فإنه الموصل إلى الله عز وجل فإذا اتّبعناه اهتدينا. (وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) فإنكم لن تجدوا من وراء القرآن ومن خلاف القرآن إلا سبلاً وهذه السبل كلها توصل إلى النار ولا تهديكم إلى الله عز وجل (ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا التقوى وأن يجعلنا من المستقيمين على صراطه المتّبعين له إنه ولي ذلك والقادر عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير