تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالكرامات ولا نعرف الأولياء بخوارق العادات وإنما نعرفهم بإيمانهم وتقواهم لله عز وجل فإذا كان متخلفاً عن أداء الواجبات ومتهاوناً في أداء المفروضات ومتعدياً لحدود الله منتهكاً لحرماته فلا والله لا يمكن أن يكون ولياً لله حتى وإن تمخرق على الناس وجاء بالعجائب. فالله عز وجل بيّن لنا حالهم هنا وقد جمع وصفين (الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) فالإيمان وصف دائم ثابت لهم والتقوى وصف أيضاً من أوصافهم العظيمة وحقيقة التقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه كما قال الشاعر:

خلِّ الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

هذه هي حقيقة التقوى فسّرها بعض السلف بتفسير التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله. وعلى كل الأحوال فتفسير العلماء للقتوى يدور حول هذا التفسير. هؤلاء الأولياء قال الله عز وجل (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) لهم البشارة والبشارة هي ما يقدم للإنسان قبل حصوله على الجائزة فيبشر ويُسر بسماع الخبر السار أبشِ {برضوان الله وأبشر برحمة الله. (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) يقول العلماء إن هذه البشرى تكون بالرؤيا الصالحة التي يراها المؤمن أو تُرى له وهذا بحمد الله كثير فإن كثيراً من الصالحين يُرى ما أعد الله عز وجل له من المنزلة والكرامة سواء يرونه بأنفسهم أو يراه غيرهم لهم وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن النبوة ذهبت وبقيت المبشرات، قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له. هذا واحد من المبشرات والثاني هي تلك البرشى التي ينالها أو يسمعها أو يحصل عليها المؤمن عندما يكون في اللحظات الأخرى من حياته كما قال الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ (31) فصلت) فالمؤمن إذا كان في حالة الاحتضار تأتيه الملائكة وتبشره وتقول له أبشر بما يسرّك عند الله فالملائكة تبشر وبذلك يُسر المؤمن ويُرى المؤمن في كثير من الأحوال ضاحكاً مسروراً مبتهجاً هذا السرور لأنه رأى ملائكة بيض الثياب فيهم من الدلالات والعلامات ما يسر المؤمن كما ورد في حديث البراء بن عازب إن المؤمن إذا حضره الموت جاءه ملائكة بيض الوجوه بيض الثياب فقالوا اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج من فمه كما تسيل القطرة من فم السقاء وهذا في حديث طويل رواه الإمام أحمد وأبو داوود والنسائي وغيرهم. قال الله عز وجل (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) لهم البشر في الآخرة بدخولهم الجنة فهم إذا خرجوا من الصراط جاءت الملائكة تبشرهم تتلقاهم الملائكة وتبشرهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون تبشرهم بالجنة فيسروا وتقر عينهم. وايضاً تكون لهم البشرة بعد دفنهم فإنهم يأتيهم من يأتيهم في قبورهم فيبشرهم بجنة الله عز وجل حتى إنه يفتح لكل واحد من المؤمنين باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وريحانها فيقول يا رب أقم الساعة يا رب أقم الساعة لما يعلم أن ما ينتظره خير مما هو فيه. قال الله عز وجل (لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ) أي ذلك وعد من الله حتماً سيقع والله لا يخلف الميعاد والله لا يغيّر ما وعد به عباده فعل المسلم أن يطمئن وأن يعلم أن هذا الوعد من الله لا تغيير فيه ولا تبديل. قال الله عز وجل (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي ذلك الفوز الذي فازه هؤلاء والخير الذي حصّله هؤلاء الأولياء جعلني الله وإياكم منهم هو الفوز الذي يجب أن يتنافس الناس فيه وهو أعظم الفوز أن ينالوا هذا الرضوان وأن ينالوا هذه المبشرات في الدنيا والآخرة. أسأل الله بمنّه وكرمه أن يجعلني وإياكم من أوليائه المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أقول قولي هذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير