تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شأن يخص شأن يعم الناس، إلى آخر ما هنالك (وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ) أي ما تتلوه من هذا الكتاب من قرآن أي من آية أو جملة أو كلمة. (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) ما تعملون من عمل ولاحظوا كيف تأتي المبالغة في هذه الآية بالاتيان بكلمة (من) فإن (من) هنا إنما يؤتى بها لللمبالغة في العموم أي تعم جميع الأشياء، ما تعملون من عمل أيّ عمل كان صغيراً كان أو كبيراً قليلاً كان أو كثيراً يُرى عند الناس أو يكون سراً في الظلام أو تحت الشمس. (إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) يعني إذ تعملون ذلك الشيء وتقومون به وتأخذون في صنعه والقيام به. (إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا) أي نحن مطلعون، عالمون لا يخفى عنا شيء ولا يعزب عنا مثقال ذرة. وقال الله عز وجل (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ) لاحظوا كيف تأتي (من) مرة ثانية وثالثة للإستغراق في العموم والدلالة على أن أيّ مثقال مهما كان قليلاً فإنه داخل في هذا العموم. (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ) ومثقال الذرة شيء لا يكاد يرى بالعين المجردة ومع ذلك ربنا سبحانه وتعالى يبين لنا أن هذا لا يعزب أي لا يغيب ولا يخفى عن الله سبحانه وتعالى ولا عن علمه ولا أيضاً عن كتابته. فكل ما يكون في هذا الكون من حركات وسكنات سواء كان لبني الإسنان أو كان للجان أو كان للثقلين أو غير الثقلين من دواب الأرض ومن الطيور وغيرها إلا والله سبحانه وتعالى يعلم أحوالها وقد دوّن ذلك في كتاب وإن ذلك على الله يسير. قال (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء) سواء كان ذلك في الأرض أو كان في السماء (وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ) ما هو أصغر من الذرة وما هو أكبر منها كله في كتاب مبين ومعلوم أن الكتابة هي مرحلة من مراحل الإيمان بالقدر. فالإيمان بالقدر إيمان بعلم الله عز وجل الواسع الشامل وسع كل شيء رحمة وعلماً ثم الإيمان بكتابته لهذا العلم فالله عز وجل لما خلق القلم قال له اكتب فكتب ما هو كائن وكان ذلك قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة ثم بعد ذلك المشيئة مشيئة الله للأشياء ثم خلقه لها وإيجاده لها بعد العلم والكتابة والمشيئة فهذه مراتب الإيمان بالقدر لا بد على المسلم أن يؤمن بها وأن يعلم أن كل ما كان وكل ما يكون من أعمالنا وأحوالنا وأعمال غيرنا من الإنس والجن ومن في السماء حتى حركة الدواب كل ذلك قد دون وسجل ولا يخفى على الله منه شيء. وإذا كان هذا المخاطب به هو ما يتصل ببني الإنسان أو المكلفين الذين أُنزل عليهم القرآن فإن الله عز وجل قد بيّن في آيات أخرى أن حركات حتى الحيوانات محسوبة ومقدرة ومكتوبة ومقدرة (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الأنعام) فإذا كان هذا في غير المكلفين فما بالكم بغير المكلفين؟! وبهذا نعلم أن مجالسنا هذه وأن هذا الجهد وهذه الخطوات التي نخطوها لبيوت الله عز وجل كلها مكتوبة وكلها محسوبة ولا شيء يخفى على الله عز وجل منها. قال الله جل وعلا (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62)) يبين الله سبحانه وتعالى أن أولياءه لا خوف عليهم ولا يحزنون وهؤلاء أضيفوا إلى الله جل وعلا إضافة تشريف وتكريم وهم القريبون من الله الذين عبدوا الله حقاً وقد جاء تفسيرهم في الآية التي تليها بقوله (الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) فهؤلاء هم أولياء الله ولذلك لا ينبغي أن يختلف في تفسير الولي لأنه قد جاء تفسيره في القرآن العظيم فهذا مما جاء البيان في القرآن بتبيانه وكشفه فلا حاجة لنا لمعرفة ما يقال في غير القرآن. ولي الله هو الذي آمن واتقى الله ولذلك ليس الولي هو الذي تجري على يده المعجزة أو الخارقة أو الكرامة ولكن الولي الذي يؤمن ويتقي ولذلك قال الإمام الشافعي إذا رأيت الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء لا يغرنّك حتى ترى إلى عمله أيوافق الكتاب والسنة أو يخالفهما؟ فنحن لا نعرف الناس

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير