تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في هذه الايات بشرى من الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان بأنهم إن صدقوا في إيمانهم وثبتوا على دينهم فإن الله يتولى الدفاع عنهم بل بأن ينصرهم في كل موطن يقابلون فيه عدوهم. قال الله سبحانه وتعالى (إن الله يدافع) فيا أيها المؤن إطمئن فإن الله معك ينصرك ويؤدك ويذب عنك ويحميك ويدافع عنك ولا يتركك ولا يسلمك لعدوك، أُصدق في إيمانك تحقق من الإيمان تأكد منه وتثبت من سلامته فإنك إذا كنت كذلك فإن الله كريم يفي بوعده والله لا يخلف الميعاد. هذا الوعد ينبغي أن يكون حاضراً في بالنا عندما يجتمع علينا أعداؤنا وينبغي ان يكون حاضراً في بال المسلم عندما يقوم برفع راية الحق ودعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى بأن لا يخاف وأن لا يجبن وأن لا يهن ولا يضعف ولا يحزن فإن الله سبحانه وتعالى يدافع عنه ويمكنه ويقوم بنصرته ويتولاه ولا يخذله. ثم قال (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) أي لا يحب من اتصف بهاتين الصفتين الصفة الأولى صفة الخيانة وهي نقض العهد والميثاق وعدم الوفاء بهما والثانية الكفور وهو الذي يكثر منه الكفران فيكفر مرة يعد مرة ويبادر في الكفر نسأل الله العافية والسلامة. وهذا يستفاد منه أنه يجب على المؤمن حتى يستحق هذا الوعد الكريم من الله سبحانه وتعالى أن لا يكون خواناً وأن لا يكون كفوراً فإذا كان وفياً بوعده قائماً بالميثاق الذي عقده مع ربه ومع المخلوقين أيضاً وكان شاكراً لنعم الله سبحانه وتعالى إستحق هذا الموعود الكريم من الله جل وعلا. ثم قال الله سبحان وتعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قوله أُذن تدل على أن الجهاد كان محرّماً لأنه ما أذن الله فيه إلا لأنه كان محرماً من قبل وقد كان كذلك بالفعل. لما كان المؤمنون بمكة كان قد حُرم عليهم الجهاد في سبيل الله ولم يؤذن لهم به إلا عندما استقلوا وصارت لهم دولة وأيضاً لما صارت لهم دولة واستقلوا وبدأت تتكون لهم قوة لم يؤمروا بالجهاد مراعاة لحال الضعف الذي كانوا فيها بل أذن لهم به في أول الإسلام أو في أول العهد المدني وهذا الإذن ليس عاماً قال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) يعني فمن قاتلكم أيها المؤمنون في أول عهدكم بالمدينة فإن الله قد اذن لكم أن تردوا عليه فتقاتلوه. وهذه الاية كما يقول العلماء هي أول آية نزلت في الجهاد. أباح الله للمؤمنين أن يجاهدوا من قاتلهم من الكافرين ثم تطور أمر الجهاد بأن أمر الله عز وجل أن نقاتل من قاتلنا وأوجبه علينا ثم انتهى أمر الجهاد بأن أوجبه الله سبحانه وتعالى على المؤمنين فقال (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) التوبة). إذن نستفيد من هذه الاية بأن هذه المرحلة من مراحل الجهاد وكانت في اول العهد المدني وهنا ياتي سؤال مهم هل هذه المرحلة منسوخة؟ فنقول إنها منسوخة وليست منسوخة، منسوخة في حق أقوام وليست منسوخة في حق آخرين فمن كان حاله كحال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة من القوة والتمكن فإن هذه الآية منسوخة في حقه ولا يجوز له أن يعمل بها ومن كان حاله كحال رسول الله من الضعف في بداية الدولة الإسلامية في العهد المدني فإن هذه الآية باقية في حقه. ومن كان حاله كحال المسلمين في مكة في ضعفهم وتمكن عدوهم منهم وقلتهم وعدم وجود دولة تحميهم فإن هذه الحالة لم يؤمروا بها بعد بل يجب عليهم أن يتركوا الجهاد حتى يقووا وحتى يكون لهم دولة وتكون لهم فيئة ثم بعد ذلك يتدرجوا في مراحل تشريع الجهاد لهم كما حصل للمسلمين الأوائل وهذا ما أجاب به شيخ الإسلام ابن تيمية من سأله عن هذه الايات هل هي منسوخة أو باقية. قال الله عز وجل (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) هذا وعد من الله سبحانه وتعالى فأنتم أيها المؤمنون إذا قاتلتم فيما أباح الله سبحانه وتعالى لكم من القتال وأمركم به من الجهاد فإن الله سبحانه وتعالى ينصركم ويؤيدكم وهو قادر على ذلك ولاحظوا كيف جاءت قوله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير