تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الربيعة: بل إذا ضاقت الأمور على الإنسان كأن يطلب وظيفة فلم يجد، كأن يطلب رزقاً فلم يُفتح له، ولداً فلم يُرزق به، إعلم أن من أعظم مفاتيح الرزق هو الاستغفار (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) نوح) فلا شك أن الاستغفار له من الآثار والثمار والخير والنتائج ما لا يحصى من إزالة الهموم ومن سعة الرزق من مغفرة ذنبه ومن انفكاكه من هذا الحِمل الذي أثقله.

د. الخضيري: دعنا نتأمل في حال بعض العصاة من المسلمين تجده ينحرف عن المسجد ويفوّت الصلاة ولا يكاد يشهد الصلاة مع المسلمين إلا من الجمعة إلى الجمعة، ماذا يحصل له؟ أول بلاء يحل عليه هو ضيق الصدر ولذلك يبحث عن منفِّسات فيذهب إلى الدخان وإلى الشيشية وإلى السينما وإلى المخدرات والأفلام الإباحية يريد أن يخرج من همومه ومشاكله وأحزانه، هي حقيقة تخدره لكن يضيع عن عالمه الحزين ثم إذا ذهب مفعولها يعود إليه الضيق وزيادة، فماذا يفعل؟ يعبّ مرة أخرى منها وهكذا يستمر يعالج البلاء ببلاء. لكننا نقول له ليس الطريق من هنا، الطريق من الاستغفار والتوبة كما أوحت به الآيات (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ?1? وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ?2? الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ?3?)

د. الربيعة: لعلنا نأخذ آية أخرى في هذه السورة.

د. الخضيري: قول الله عز وجل (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)). نحن اتفقنا أننا لن نقف عند كل آية وإنما سنأخذ بعض الآيات ونقول لهم هذه هي الطريقة العملية لنحيا بالقرآن من خلال هذه الآيات. (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) ربنا سبحانه وتعالى يبين لنا أن كل عسر يحل بنا فإن معه يسر ولذلك يؤكد هذا المعنى في الاية مرتين فيقول (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) يعني إذا أصابك العسر يا عبد الله فاعلم أن الله كتب معه اليسر وأنزل معه اليسر فلا تحزن ولا تيأس ولا تقنط من رحمة الله عز وجل. إنتبه لهذا يا عبد الله ولا تيأس من روح الله وإذا اشتدت عليك أزمة وكُربت فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد جاء بالفرج فلا تستعجل. ولذلك ذكر ابن عباس شيئاً عجيباً في هذه الآية فقال: لن يغلب عسرٌ يسرين. كيف ذلك؟ في هاتين الآيتين ذُكر العسر واليسر مرتين ومع ذلك العلماء يقولون إن العسر المذكور هنا هو واحد واليُسر اثنين، كيف ذلك؟ يقول العلماء - وهذه لفتة لغوية - إن المعرفة إذا كُررت في الكلام فهي شيء واحد كما لو قلت جاء الرجل، ذهب الرجل، رأيت الرجل، فهذا رجل واحد مهما كررته في الكلام لأنه معرفة أما لو كان نكرة فإنك إذا كررته في الكلام فإنه يتعدد. لو قلت جاء رجل ورأيت رجل ومررت برجل، هؤلاء ثلاثة، تأملوا في الآية أن العسر جاء معرفة فهمها تكرر فهو واحد واليسر جاء نكرة (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) فإنه إذا تكرر تعدد إذن لن يغلب عسرٌ يسرين.

د. الربيعة: والآية فيها سر ولطيفة عظيمة هي أولاً وعد من الله عز وجل ثم إنه تكرار وإعادة وتأكيد والتأكيد يدل على تحقق لتستيقن أيها المؤمن أنه إذا أصابك العسر فاعلم أنه سيكون بعده اليسر.

د. الخضيري: قصة يوسف عليه السلام هي أعظم ما يتسلى به المؤمن. يوسف عليه السلام اعتدى عليه إخوانه، ألقوه في الجُب، بيع، صار خادماً، اعتدت عليه امرأة العزيز، سُجِن وهو مظلوم ثم خرج من أقبية السجون إلى عروش الملك صار يدبر أمر مصر كلها، سبحان الله! أليس بعد العسر يسرا؟

د. الربيعة: وهذا يتجلى ظاهراً في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، ألم يكن في بداية حياته في شدة وأوذي حتى وضع الجزور على رأسه وهو ساجد.

د. الخضيري: وحُبس في الشعب ثلاث سنين لا يكاد يدخل إليه من الطعام إلا خلسة وخفية.

د. الربيعة: وطرده أهل الطائف وأذوه حتى أدموه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير