تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: في هذه الأوصاف المستنبطة مما أقسم الله عز وجل به هو من التدبر العميق الذي قد لا يستطيعه كل واحد ولكن نبين أن كل ىية تحتها من الأعمال ما هو جدير بالانتباه وجدير بالتوقف، هذا نموذج ما ذكره الدكتور في هذه المقدمة هو نموذج، أما النموذج الآخر وهو الواضح البيّن الذي يستطيعه كل واحد منا انظروا قد أقسم الله تعالى بهذه الأقسام الخمسة (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي من طبع الإنسان أنه جحود لنعم الله، ينعم الله عليه فيجحد نعم الله عليه ولا يشكرها ولا يؤديها دائماً يتذمر من قضاء الله وقدره دائماً يتشكى، دائماً ينسى النعم التي أنعمها الله عليه، إذا أصابته يوماً ضراء نسي ألف يوم من السرّاء جحد نعمة الله عز وجل ونسي فضل الله عز وجل وهذا ما لا ينبغي أن يكون المسلم عليه بل من العجائب التي ذكرها بعض أهل العلم قالوا إن الخيل يكرمها صاحبها فإذا جاء يوم الشدة ويوم الجهاد أقدمت ودخلت في ساحة المعركة تريد أن تنتصر لصاحبها أما الإنسان فإنه بعكس ذلك يكرمه ربه سبحانه وتعالى ويعطيه وإذا أراد منه أن يطيعه ويسجد له تلكأ وتأخر فلا يكون الخيل أفقه منك ولا يكون أحسن حالاً منك بل عليك أن تكون نبيهاً شريفاً ذا مروءة وذا نظر صائب فتشكر نعمة الله عز وجل دائماً وأبداً وتذكر أن نعم الله عليك كثيرة.

د. الربيعة: وقفة عند كلمة (كنود) كلمة رجعت إلى أقوال المفرسين فيها فوجدت فيها معاني متعددة جحود وكفور وغير ذلك من المعاني وفكأن هذه الكلمة تجمع مساوئ الإنسان قد تكون بضد تلك الحسنات الخمس كأن كنود تجمع الصفات السيئة للإنسان الذي لم يتصف بهذا الدين الذي يشرفه الله تعالى به

د. الخضيري: لاحظ قول الله عز وجل (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) أريد أن أبين أمرين الأمر الأول قوله (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر) الخير هنا بمعنى المال وهذا المعنى معروف في كتاب الله عز وجل قال الله عز وجل (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة) خيراً أي مالاً والمقصود مالاً كثيراً، (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد) أي يعظم هذا المال وهذا نلاحظه من أنفسنا وممن حولنا فكل الناس متفقون على محبة المال وما يسلم من محبة المال إلا من امتلأ قلبه بحب الله عز وجل فالمال يعتبر عنده وسيلة. هذه الآية تدلنا على أن الإنسان يحب المال حباً شديداً وهي جاءت لتحذرنا من هذه الخصلة، إياك أيها المسلم أن تحب المال حباً شديداً فتنسى حق الله فيه وأن لا تعبد الله سبحانه وتعالى به وأن تعبد هذا المال وتنسى أن تجعله مطية لرضوان الله جل وعلا. ولذلك ذكر الله في سورة الفجر من صفات المشركين قال جل وعلا (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)) حباً شديداً حتى إنه يدعوكم إلى أن تظلموا اليتيم وتأخذوا حقه وتتركوا حق المسكين فلا تتصدقون عليه وتتركوا حق الوالد والوالدة والإبن والزوجة والفقير والمسكين وأن تبذل الأموال فيما يصلح أحوال الناس فلننتبه لذلك

د. الربيعة: ولهذا يحذرنا الله تعالى ما الذي يجعلنا نقف مع هذا الموقف موقفاً صحيحاً؟ قوله تعالى (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) يعني ألا يعلم الإنسان أنه ذاهب إلى القبر ثم إذا بُعثر وهو في البعث فإذا تذكر الإنسان مصيره إلى قبره وموته لا يمكن أن يتعلق بهذا المال تعلقاً ينسيه آخرته. ويختم الله تعالى بقوله (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) ما معنى هذه الآية؟

د. الخضيري: يعني هذا الذي يقع في صدرك من نيات ومن أعمال قلبية سيحصّل ويُكشف ومنه تعلّقه بالدنيا وحبه للمال حباً شديداً يطغي الإنسان وينسيه ذكر الله سبحانه وتعالى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير