د. الخضيري: يكون قوياً إذا أعدّ نفسه إعداداً جيداً وحرص على تقوية نفسه نفسياً وإيمانياً وجسمياً أيضاً ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف" ويوسف عليه الصلاة والسلام قال في وصف نفسه (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف) عنده القوة على حفظ الشيء والقوة على إدارته والإحاطة به وحسن ترتيبه والقيام به.
د. الربيعة: إذن هي القوة في كل مجالات الحياة حتى القوة في جسمه لأنه إذا قوي في جسمه
د. الخضيري: قوي على طاعة الله عز وجل ولذلك وصف طالوت قال (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) البقرة)
د. الربيعة: الوصف الثالث (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا) حينما تتأمل في هذه الجملة تلحط معنى عظيماً وهي أن هذه الخيل وهي تسير إلى الجهاد تبادر العدو صباحاً أي أنها تبدأ عملها في الصباح الباكر
د. الخضيري: وقد بورك لهذه الأمر في بكورها
د. الربيعة: نلمس من هذا معنى عظيماً وهو أننا نحن المسلمين يجب أن نبادر وما هو أول عمل يعمله الإنسان في يومه؟
د. الخضيري: لا شك أن أول ما يفتتح به المسلم يومه به هو الصلاة وذكر الله عز وجل لذلك المسلم ينادى للفجر فيقوم ويجيب النداء إن كان رجلاً ذهب إلى المسجد وإن كانت امرأة صلّت في بيتها فيفتتح يومه بذكر الله وبالصلاة وإذا افتتح المسلم ذلك اليوم بهذين الأمرين فلا شك أن هذا اليوم يوم مبارك ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "من صلّى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يُمسي" في حفظ الله ورعايته والله سبحانه وتعالى سيطالب من يسيء إليه ويلاحقه ويتابعه حتى يأخذه بالجريرة.
د. الربيعة: إذن نأخذ من هذا الوصف وصف المبادرة، المسلم مبادر دائماً في المقدمة ولذلك السبق إلى الصف الأول كم جاء فيه من الأحاديث والسبق إلى الأعمال الصالحة والسبق إلى كل عمل يرضي الله عز وجل
د. الخضيري: ولذلك في مرة من المرات جاء نفر من الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب رديئة جداً فقام أحد الصحابة فبادر فذهب وجاء بصُرة من الدراهم تكاد يده تعجز عن حملها فوضعها بين يدي رسول الله فتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كأنه مذهبة ثم تقاطر الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم "من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" يعني ذاك الأول له أجر من جاء بعده ممن عمل مثل عمله.
د. الربيعة: يعني إذا كنت أيها المسلم أول عامل في عمل وتبعك الناس فلك أجرك وأجرهم. الوصف الرابع (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا) ما معنى هذا الوصف؟
د. الخضيري: إذا عدت الخيل وأورت يعني قدحت النار في عدوها صار للغبار ثوران أثرن به نقعاً أي غباراً أثارت الغبار في ساحة المعركة
د. الربيعة: لعل هذا يعطينا معنى في هذه الخيل للمسلم في حياته وهو أن يكون له غبار وأثر وصولة وجولة في المجتمع ويكون هنا في دعوة إلى الله وهنا في نفع المساكين وهنا في مجالات متعددة في الخير، له أثره في المجتمع وله وجوده.
د. الخضيري: يعني ليس صالحاً في نفسه بل صالح مصلح ولما وصف الني صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة قال "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي" لما سُئل عنهم قال الذي يصلحون إذا فسد الناس أو يصلحون من أفسد الناس.
د. الربيعة: لعل له معنى آخر وهو أن هذه الخيل تصول على العدو فأنت أيها المسلم يجب أن يكون لك صولة على عدوك، كيف ذلك؟.
د. الخضيري: عندما يخطط المسلم لأعماله بشكل جيد ولا تكون أعماله ردود فعل لما يعمله الكفار بل يخطط من أجل أن ينتقص من هؤلاء الكفار ومن أجل أن يزيد في بلاد الإسلام ودولة الإسلام فلا شك أن ذلك هو الذي يؤذي الكفار قد يعمل أعمالاً لكن في نهاية المطاف لا يكون لها ثمرة ولكن على الإنسان أن يعمل أعمالاً مفيدة ويسعى لها سعياً شديداً.
د. الربيعة: الوصف الأخير لهذه الخيل (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا) يعني كانت في وسط العدو وهذا معنى نأخذ منه والله أعلم أنك أنت أيها المسلم يجب أن تكون دائماً في وسط الناس، في موقع القيادة في موضع التأثير وفي موضع القدوة فما أحرانا أن نتصف بصفات هذه الخيل. لكن لعلنا نعقّب على الجزء الثاني من هذه السورة.
¥