تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: ولذلك لما ذكر حال الناس عندما تأتي هذه القارعة وهي أنهم ينتشرون كالفراش قال بعدها (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (7))

د. الربيعة: بماذا تثقل الموازين؟

د. الخضيري: هذا هو السؤال الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا ولذلك أقول هذه النقطة بعد هذه المقدمة في ذكر القارعة هي التي يجب أن يلتفت لها نظر المؤمن. إسأل نفسك، هل عملت على أن تثقّل موازينك؟ إن هذا السؤال يجب أن يلاحقك في يومك وليلك بل في كل ساعة من ساعات يومك وهي كيف أثقّل موازيني؟ إن ساحات العمل كبيرة وإن العمل متاح وتثقيله لا يلزم منه أن الإنسان يكون عنده مال ولا يلزم الإنسان أن يكون عنده زوجة ولا يلزم أن يكون الإنسان عنده ولد ولا سيارة ولا بيت، يمكن أن يقوم بأعمال صالحة كثيرة جداً، ذكر الله، تلاوة القرآن، الصلاة، الصوم، نصيحة الخلق، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، أعمال كثيرة.

د. الربيعة: وقبل ذلك وبعده التوحيد الذي يثقل الميزان حقيقة.

د. الخضيري: نعم وتعرف حديث البطاقة، الرجل الذي جاء يوم القيامة وله سيئات كالجبال من كثرتها حتى إذا ظنّ أنه هالك قال له الله تعالى إنك لا تُظلم، فيؤتى له ببطاقة مكتوب فيها لا إله إلا الله، فيقول ما تغني هذه البطاقة عند هذه السجلات؟! فتوضع السجلات على كفة ولا إله إلا الله على كفة فتطيش بهن لا إله إلا الله، يعني تثقّل الميزان. لا إله إلا الله قيلت بصدق وحق وتوحيد بإيمان وإخلاص ويقين فنفعت وليس أن يقولها الإنسان بلسانه وهو لا يفهم من معناها شيئاً أو يقولها ويُشرك مع الله سواه.

د. الربيعة: وأيضاً من أعظم ما يثقّل الميزان مما ورد في الحديث الصحيح "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". حينما تسبح الله وأنت تحمده لا شك أن هذا عظيم. حُقّ لهذا المعنى العظيم أن يُثقّل الميزان. وحينما تصف الله بالعظمة لا شك أن هذا معنى عظيماً يثقل الله به الميزان. ليس فقط أن تقول باللسان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، بل ينبغي أن تستحضر معنى سبحان الله وبحمده. سبحان الله وبحمده يعني تنزّه الله تنزيهاً كاملاً مصاحباً لحمده وهو وصفه بالكمال.

د. الخضيري: هذا هو الوصف التام، التنزيه مع الثناء ووصف الكمال لله سبحانه وتعالى. عندي قصة في مسالة ثقيل الموازين علها تنفع، كانت هناك فتاة تحب السعي في كفالة الأيتام من فقراء الملسمين في أنحاء العالم الإسلامي عبر إحدى الجمعيات الخيرية الموجودة في بلاد المسلمين فكانت تأخذ هذه الكفالات وتعرضها على زميلاتها وصديقاتها وتأخذ مبلغ الكفالة وترسله إلى المؤسسة لتقوم بكفالة يتيم من أيتام المسلمين. هذه الفتاة ذات يوم رأت في منامها أنها في عرصات القيامة وأنها في هول شديد وأنها عارية ليس عليها شيء وأنها قد وضعت على الميزان، جيء بها إلى ميزان حقيقي ووضعت عليه فوجدت أن الميزان لم يتحرك إلا شيئاً قليلاً فعلمت وايقنت بالهلاك قالت فخفت خوفاً شديداً ثم قالت ما شعرت إلا وعدد من الأطفال ياتون إلى الميزان ويتعلقون بي فرأيت المؤشر قد ارتفع فوصل إلى النهاية ففرحت ثم قمت فعلمت أن الذين أمسكوا بهذا الميزان وثقلوه هم هؤلاء الأيتام. وهذا يدلنا غلى أن كفالة الأيتام ورعايتهم من أجل الأعمال وأعظمها.

د. الربيعة: بل يدلنا على أن الإنسان ينظر ما هو أرجى عمل يرجوه عند الله يثقل به الميزان.

د. الخضيري: وهناك مسألة أخرى وهي مهمة جداً وينبغي أن ننبه عليها ونعظ أنفسنا بها فنحن أحوج بأن نعظ أنفسنا وهي أن يكون لك أخي المسلم خبيئة تثقل بها ميزانك لا يطلع عليها أحد لا والد ولا زوجة ولا ولد، صدقة خفية، عمل سري تعمله كل يوم لا تذكره لأي إنسان، تصدق مع الله فيه ويكون ذلك العمل على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه القضية ينبغي لنا أن نحرص عليها وأكثر من الخبيئات فليكن لك في الصلاة خبيئة وليكن لك في قرآءة القرآن خبيئة وليكن لك في الذكر خبيئة وليكن لك في كفالة الأيتام خبيئة وليكن لك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خبيئة وليكن لك في صلة الرحم خبيئة وهكذا حتى إذا جئت يوم القيامة ووردت على الله عز وجل ماذا وجدت؟ نجد أعمالاً كثير كلها تثقل ميزانك. وبهذه المناسبة أحب أن تذكر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير