تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا هو المجلس الخامس عشر من مجالس برنامجنا الذي نسأل الله عز وجل أن يبارك فيه لنا ولكم "لنحيا بالقرآن" هذه المجالس جعلناها على مائدة هذا الكتاب العزيز نستخرج من قصار المفصل آية أو آيتين من سورة من سوره ثم نحاول أن نجعل منها برنامجاً عملياً كيف نحيا بها ونجعلها مؤثرة على حياتنا وسلوكنا وكيف نجعلها مهيمنة على جميع أعمالنا وتصرفاتنا. اليوم جلستنا مع سورة القارعة. لن نتوقف كثيراً عند كل كلمة من كلمات هذه السورة العظيمة ولو أتحنا لأنفسنا وأردنا أن نسترسل مع معانيها وما فيها لطال بنا المقام ولكننا نركز على بعض المعاني البارزة حتى نُشعر أنفسنا أننا يمكن أن نتأمل كتاب الله عز وجل ونستخرج منه الهدايات والعبر والعظات والأعمال ونجعل من ذلك سلوكاً نعيش به في حياتنا. هذه السورة يقول الله عز وجل فيها (الْقَارِعَةُ ?1? مَا الْقَارِعَةُ ?2? وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ?3? يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ?4? وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ?5? فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ?6? فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ?7? وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ?8? فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ?9? وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ?10? نَارٌ حَامِيَةٌ ?11?) هذه السورة افتتحت بذكر وصف من أوصاف يوم القيامة، إنه وصف القارعة يعني أن هذه القيامة لشدة هولها تقرع القلوب وترجف بالأفئدة فتخاف وتوجل ويصبها الاضطراب وتتزلزل كما ذكرنا في سورة الزلزلة.

د. الربيعة: لعل لفظ القارعة وتسمية السورة بالقارعة يدل دلالة واضحة على أن الغرض والله أعلم منها قرع القلوب الغافلة عن طاعة الله وقرع قلوب المشركين وقرع قلوب المعرضين بالأهوال التي تزلزلهم وتبين لهم الحق. ولذلك تأمل كيف وصف الله عز وجل أوصاف الناس فيها.

د. الخضيري: قال (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)

د. الربيعة: تطايرهم، والجبال ليس الإنسان فقط، تلك الجبال الراسية العظيمة تكون كالعهن المنفوش

د. الخضيري: مثل القطن المنفوش

د. الربيعة: بعد هذا القرع وهذا الهول فما ميزان الإنسان؟

د. الخضيري: هنا يأتي البيان حال الناس في ذلك اليوم بحسب ما عندهم من الأعمال. هي تقرع وتقلقل وتزلزل لكن المؤمن بما آتاه الله عز وجل من الأعمال الصالحة يكون ثقيلاً فإذا اهتز الناس لا يهتز وإذا تشتتوا وزلزلوا واضطربوا وإذا به ساكن (وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) النمل) (لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) وهذا اليوم يجب أن نعمل له. لكن هنا ملاحظة: من قرعت القيامة قلبه في الدنيا اطمأن يوم القيامة فلا يجمع الله على عبد زلزلتين ولا خوفين ولا أمنين من أمن في الدنيا خاف يوم القيامة ومن خاف في الدنيا أمِن يوم القيامة ومن قرعت القيامة قلبه في الدنيا في يوم القيامة يكون مطمئناً.

د. الربيعة: ولهذا سبحان الله إنظر إلى السر في تكرار لفظ القارعة، ثلاث مرات تكررت والسورة إنما هي قصيرة (الْقَارِعَةُ ?1? مَا الْقَارِعَةُ ?2? وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ?3?) كلها لتقرع القلب مرة بعد مرة بعد مرة، القلب الغافل الذي قد تراكمت عليه الذنوب وتراكمت عليه الشبهات وتراكمت عليه المعاصي وأنواع الشرك يحتاج إلى قرع شديد حتى ينفكّ والله تعالى أعلم أن هذا من أسرار تكرار لفظ القارعة في الآية ولهذا المسلم ينبغي إذا قرأ ينبغي أن يتذكر هذا المعنى ليقرع بها قلبه الغافل وكلنا ذلك الرجل نحتاج إلى ما يقرع قلوبنا فيصححها ويفتح مغاليقها إلى ذكر الله عز وجل. يقول الله عز وجل في وصف عظيم لهذه القارعة وهو (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) والله إنه لمشهد عظيم، هؤلاء الناس الذين يعيشون على هذه الأرض ويمشون عليها في لحظة يكونوا متطايرين في الهواء كالفراش المبثوث من خفّتهم بسبب الهول التي أصاب تلك الأرض كما ذكرنا في سورة الزلزلة (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)) إذا كانت الأرض ستخرج ما فيها فكيف حال الإنسان؟ لا قيمة له!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير