تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا هو المجلس الثامن عشر من مجالسنا في حلقات برنامجكم "لنحيا بالقرآن". هذه الحلقات المباركة التي نتدارس فيها آيات قصار المفصّل ونحاول أن نطبق هذه الآيات في حياتنا أو نأخذ من هذه الآيات ما نعمل به في حياتنا ونعطيكم بذلك النموذج العملي كيف نجعل من هذه الايات آيات تعيش في واقعنا وتحيا معنا ونهتدي بهديها ونقبس من نورها ولا يكن مجرد طلب الثواب أو البحث عن الأجر بكثرة قراءة الحروف هو المقصود الأعظم لنا، نعم الإنسان يؤجر بقراءة هذه الحروف ويثاب على ذلك ولله الحمد والمنّة ولكن أعظم من ذلك أن يهتدي الإنسان بالقرآن (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء). اليوم معنا سورة عظيمة قال فيها الإمام الشافعي رحمه الله "لوما أنزل الله حجة على خلقه إلا هي لكفتهم"، إنها سورة العصر هذه السورة التي قلّت آياتها وقصرت كلماتها لكن عظمت معانيها وجلّت واتسعت حتى شملت الدين كله. أقسم الله سبحانه وتعالى في أولها (وَالْعَصْرِ) ثم بيّن المُقسَم عليه (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ثم استثنى من هؤلاء الخاسرين وهم كل الناس (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). هذه السورة على قلة ألفاظها إلا أنها كبيرة المعاني والله لو حققناها في حياتنا لعلمنا أننا قد عملنا بالدين كله وكانت سبباً في نجاتنا وسبباً في صلاح جميع أحوالنا.

د. الربيعة: لعلي قبل هذا أشير إلى المعنى في مقصد السورة وفي موضوعها. السورة تلحظ منها تعظيم هذا الزمن الذي يعيشه الإنسان. جاء التعظيم من القَسم الذي افتتح الله تعالى به السورة ولذلك سميت السورة بالعصر لعظمة هذا الزمن الذي هو موضع العمل، العمل الصالح والعمل الفاسد، فيقسم الله تعالى بهذا الزمن الذي جعله الله وقتاً للعمل حُقّ له أن يُقسم به وإنه عظيم.

د. الخضيري: يعني النجاة الخسران والفلاح والفوز والبطر كله في هذا الزمان؟ في هذا الزمن فلتعتني أخي المسلم بهذا الزمن لكي تنجو.

د. الربيعة: فيه نجاتك، فيه خسارتك وفيه فوزك.

د. الخضيري: قال النبي صلى الله عليه وسلم مصداقاً لهذا الملام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة الصحة والفراغ" يعني أن كثيراً من الناس عنده هاتان النعمتين ولا يحسن الإستفادة منهما ولا يستطيع أن يسخرهما لكي يكونا سبباً لنجاته وسبباً لتحصيل الخير له في الدنيا وفي الآخرة.

د. الربيعة: لعلنا نقف مع بداية السورة في قول الله عز وجل (والعصر) فتقف هنا تتأمل هذا العصر هذا الوقت الطويل، هذا العمر الذي تعيشه أنت أيها الإنسان وهذه الحياة التي سخرها الله عز وجل. تأمل هذه الوقفة في هذه الآية لها دلالة في تأملك وتدبرك لتعرف حقيقة هذا الوقت والإنسان لا يمكن أن يستفيد من الشيء إلا إذا عرف قيمته وقدره (ولو عظّموه في النفوس لعُظِّم) كيف تستفيد من وقتك؟ أن تتأمل فيه، لماذا خُلقت فيه؟ لماذا سخره الله لك وهيأه الله لك؟ إنه لأجل أن تعمل فيه بما يرضي الله عز وجل ويكون فيه نجاتك. (والعصر) ولفظ العصر هنا فيه فخامة وفيه عظمة فالتأمل في هذا العصر وهذه الحياة وهذا الزمن يجعلك تدرك حقيقة الزمن. إذا عرفت أنك اليوم شاباً ومتعك الله ستكون يوماً من الأيام كبيراً، أين زمن الشباب؟ ولّى وذهب. إذا كنت كبيراً فإن زمنك قد قرُب على الزوال فاغتنم ذلك

د. الخضيري: وكما ورد في الحديث "خذ من صحتك لمرضك ومن شبابك لهرمك"

د. الربيعة: ينبغي أن نتأمل في هذا الوقت، كثير من الناس تضيع عليه أوقاته وأيامه لأنه لا يدرك أهمية هذا الزمن وقيمته في الحياة ولو أدرك ذلك حقيقة لاغتنمه اغتناماً صحيحاً ثم يقول الله عز وجل بعد ذلك (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)

د. الخضيري: يعني كل الناس خاسرون

د. الربيعة: في الأصل الإنسان خاسر

د. الخضيري: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير