تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: قال (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (57) القصص)

د. الربيعة: ولهذا سميت قريش، هذا الشرف الذي نالوه ومنّ الله عليهم بولاية هذا البيت نعمة عظيمة، هل شكروها؟ وهل عبدوا الله عز وجل رب هذا البيت أم لا؟ فهذه السورة هي في امتنان الله عز زجل على قريش بأن جعلهم أصحاب شأن نبسبهم وبخدمتهم وولايتهم لهذا البيت. ونأخذ منها معنى عظيماً هو أن من أتاه الله شرفاً ومن أتاه الله مكانة ومن أتاه الله منزلة ينبغي ان يعرف هذه المنزلة وهذا القدر وفي معرفة حق الله عز وجل عليه الذي جعله في هذه المكانة.

د. الخضيري: يعني عندما ينعم الله عليك بنعمة فإن أول ما ينبغي أن تبادر إليه هو أن تشكر الله عز وجل على هذه النعمة فتسخِّرها في طاعة الله. هؤلاء القرشيون أنعم الله عليهم بأن حماهم من الفيل ومن أصحاب الفيل الذين كادوا أن يدمروهم وأن يستأصلوهم ولم يكن عندهم قدرة ولا طاقة على ردعهم وهذا سر مجاورة سورة الفيل لسورة قريش. والثاني أن الله سخر لهم رحلتيم للتجارة وهاتان الرحلتان كانتا سببين عظيمين من أسباب رفاهية أهل مكة فكانت لهم رحلة في الصيف إلى بلاد الشام ورحلة في الشتاء إلى بلاد اليمن يأخذون من هاتين الدارين ما لذ وطاب من أنواع الثمار من الزبيب والدقيق والثياب والملابس والمراكب وغيرها. ويسعون في الأرض لا يتعرض لهم أحد لأنهم أهل الحرم وأهل البيت فلا يتعرض لهم صعاليك العرب ولا يقطعون عليهم الطريق، هذه نعمة. ماذا يقابل هذه النعمة؟ قال الله عز وجل (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ). من أنعم الله عليه بنعمة فعليه أن يبادر بشكرها فإنه إن شكر زاده.

د. الربيعة: يعرف قدرها أولاً

د. الخضيري: يعرف قدرها ويشكر الله عز وجل عليها فإنه إن شكرها قرّت وإن كفرها فرّت، الفرق بينهما نقطة (قرّت – فرّت) إذا اعترفت فعبدت وسخرتها في طاعة الله فإنه قرّت بل ستزيد (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم) وإن تركت فرّت.

د. الربيعة: وهذا الأمر مما يغفل عنه كثير من الناس بعض الناس يؤتيه الله تعالى منزله، يوتيه نسباً شريفاً، يؤتيه الله تعالى جمالاً وبهاء هذا ليس حسابه مثل حساب فقير أو ضعيف في نسبه أو في ماله أو غير ذلك، لا شك أن كلاً سيحاسب على ما آتاه الله فليحسب لذلك الأمر حساباً. لندلف إلى السورة في آياتها نتفيؤ فيها المعاني التي يمكن أن نأخذها في حياتنا. (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) الله جعل لقريش أُلفة ائتلفوا فيما بينهم والعرب كانت قريش عندهم ألفة ومكانة وحفظ لكونهم أهل الحرم. وذكر بعض المفسرين في قوله (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) معاني لعلك تشير إليها لها اثر في دلالة الاية، (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) هل اللام متعلقة بما قبلها بسورة الفيل أو بما بعدها؟

د. الخضيري: بعض العلماء يقول إنها متعلقة بالسورة التي قبلها وهي قوله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ?1? أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ?2? وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ?3? تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ?4? فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ?5? الفيل) يعني إنما جعل الله ذلك لكم لإيلاف قريش فهي كأنها لام للتعليل بالنسبة لما قبلها. لكن الطبري رحمه الله قال لا، قال لما فُصلت السورتان عُرف أن هذه السورة مستقلة بمعناها.

د. الربيعة: لعل في تمام السورة سؤال في قوله عز وجل (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) ماذا نلمس من هذه الآية في مناسبتها لما قبلها؟

د. الخضيري: لما ذكر الله عز وجل النعم التي أنعم بها عليهم وأعطاهم إياها جعل مقابل ذلك أن يتقدموا بشكر هذه النعمة فيعبدوا رب هذا البيت. هم أُكرموا لأجل هذا البيت وهذا البيت له رب وهذا الرب يجب أن يُفرد بالعبادة. الذي سخر لهم هذه النعم هو الله والذي يجب أن يُفرد بالعبادة هو الله سبحانه وتعالى ولذلك قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ). مررت بقصة عجيبة يقولون إن رجلاً كان يتمسح بالكعبة وكأنه يستجديها ويسألها وكان يستنصر ويستجير بالكعبة يا كعبة الله، ويدعو الكعبة ويناديها ويجعل لها من العظمة والحرمة مثل ما لله سبحانه وتعالى فسمع به رجل من العلماء ولم يكن يعرف هذا الشيخ الذي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير