تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الذي نريد أن نتوقف عنده نحن كما قلت لكم يقول أبو حيان الغرناطي تفسير الإمام الرازي فيه كل شيء إلا التفسير، وهذه مبالغة من الإمام أبي حيان لماذا؟ لأنه رأى أن الإمام الرازي أولا قد توسع في استنباطات وفي ذكر مسائل وعلوم لاعلاقة لها بالتفسير أو لاعلاقة لها مباشرة بالتفسير ليست من صلب التفسير،فدعاهم هذا إلى أن يقولوا هذه العبارة انه قد أملا كتابه في علوم كثيرة لاعلاقة لها بالتفسير.

كتاب تفسير الإمام الرازي يعتبر عمدة للتفسير العقلي الذي اعتمد على الرأي والرأي المحمود وبعضهم يدخله في الرأي المذموم لأنه قد سار فيه على غير منهج أهل السنة والجماعة وإنما سار على مذهب الأشاعرة استفاد الإمام الرازي من التفاسير التي سبقته ولاسيما انه قد سبقه للمعتزلة عناية كبيرة لأبي بكر الأصم والجبائي وعبد الجبار الهمداني وغيرهم والحاكم الجشمي والزمخشري في كتابه الكشاف كل هؤلاء قد صنفوا كتب في التفسير وسارت وانتشرت بين الناس وهؤلاء كلهم من المعتزلة فالرازي تصدى لهذه الكتب وأراد أن يكتب كتاباً يفوق كل ماكتبه المعتزلة ولذلك لم يأتي بعد الإمام الرازي مؤلف من المعتزلة أجاد في التفسير كما تقدم للإمام الرازي.

ولذلك يقول الذهبي في وصفه يقول كان يكثر من الاستطراد إلى العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها من العلوم الحادثة في الملّة على ماكانت عليه في عهده كالهيئة الفلكية وغيرها وكما انه يعرض كثيرا لأقوال الفلاسفة بالرد والتفنيد وان كان يسوغ أدلته في مباحث الإلهيات على نمط استدلالاتهم العقلية كما انه لايمر مسألة من المسائل التي تتعلق بالمعتزلة أو الرد عليهم إلا ويتصدى للرد على المعتزلة ويقف عند هذه المسألة.

ولايكاد يمر بآية من آيات الأحكام إلا ويتوقف عندها ويبين فيها آراء الفقهاء ولاسيما مذهب الإمام الشافعي لأنه كان شافعي المذهب.

كذلك كان يستطرد الرازي في المسائل الأصولية وتقدم معنا أن الإمام الرازي يعتبر من الأصوليين الشافعي الكبار له كتاب المحصول في علم الأصول وهو مطبوع معروف.

وكان أيضاً إذا تعرض للمسائل النحوية والبلاغية يستطرد فيها وإن كان لايتوسع فيها كما توسع في المسائل التي تتعلق بالآيات الكونية أو الرياضية وبالجملة فالكتاب أشبه مايكون موسوعة في علم الكلام وفي علوم الكون والطبيعة فهذه الناحية هي التي غلبت عليه ولذلك كان مولعاً بكثرة الاستطرادات والاستنباطات في مثل هذه المسائل ولذلك يقول:

أن بعض الذين لاموه في الاستطراد استدل عليهم وقال إن الله سبحانه وتعالى قد قال:وفي أنفسكم أفلا تبصرون)) وقال: لخلق السموات والأرض اكبر من خلق الناس.

فإذاً التأمل والتأمل في الفلك ومايتعلق به أولى وعلى كل حال فقد سار الإمام الرازي على منهج لم يكثر فيه من الاستدلال بالسنة ولم يكثر فيه من الاستدلال بالقران وإنما أكثر فيه من الرد على أصحاب الفرق المختلفة.

اعتنى فيه عناية فائقة بجمال النظم القرآني وطبق فيه نظرية عبد القاهر الجورجاني في النظم وهذه من أفضل مافي الكتاب.

عنيّ الإمام الرازي عناية بالغة بالمناسبات بين السور والآيات والمناسبات بين السور والآيات هي بيان الارتباطات بين الآيات بعضها مع بعض وبين السور بعضها مع بعض وقد أجاد في ذلك أيما إجادة ولو تصدى باحث وأظنه قد فعل بعضهم فاستخرج المناسبات بين الآيات والسور في تفسير الإمام الرازي لكان في ذلك خير كبير ولذلك نقول إن تفسير الإمام الرازي من التفاسير الواسعة وهو تفسير جيد ولاينصح به إلا لطالب العلم المتمكن الذي يعرف كيف يتخلص من الشبّه التي ذكرها في تفسيره إلا انه تفسير لاتكاد تجد له نظيراً من أمثاله في الاستنباط والاستدلال.

وكما ذكرت بعض الملحوظات عليه وقول العلماء فيه كل شيء إلا التفسير الذي ذكرته في أول الحلقة والصحيح أن فيه كل شيء مع التفسير فهو تفسير جيد وفيه استطرادات بالغة حتى دعا بعضهم إلى اختصاره فاختصره عدد من المتقدمين واستفادوا منه استفادة كبيرة ولاتزال الاستفادة إلى اليوم من هذا التفسير الكبير مفاتيح الغيب للإمام محمد بن عمر بن الحسين الرازي المولود سنة 544 والمتوفي سنة 606 للهجرة رحمه الله رحمة واسعة.

ـ[ام الحارث]ــــــــ[10 Jul 2010, 01:27 ص]ـ

محمد الأمين الشنقيطي

بسم الله الرحمن الرحيم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير