فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أن ماذكرناه أمر ممكن الحصول قريب الوصول فنقول وبالله التوفيق ثم بدأ في تفسير الاستعاذة والفاتحة بعد ذلك.
الإمام الرازي أراد أن يجعل القرآن الكريم ميداناً للاستنباط،لكثير من العلوم وتطبيق كثير من العلوم العقلية واستنباطها من القران الكريم،والإمام الرازي كان معنياً بالفلسفة،فقد تتلمذ أول ماتتلمذه على والده كما تقدم ثم تتلمذ بعد والده على العلامة الحسين بن مسعود البغوي الفراء صاحب تفسير الذي تقدم معنا وهو معالم التنزيل في التفسير الإمام الفراء معروف البغوي.
ثم تتلمذ بعده على المجد الجيلي وكان المجد الجيلي هذا عالماً متعدد المعارف والمعالم والعلوم إلا انه كان عالماً متميزاً في الفلسفة وعلم الكلام فأخذ عنه الإمام الرازي هذا العلم ولازمه مدة طويلة، فجاء الإمام الرازي ليستنبط أو ليبحث في القران الكريم وفي تفسيره ويطبق فيه هذه المسائل التي تعلمها في علم الكلام.
ولذلك كان يقيم وهذا التفسير على أربع أسس
الأول: أنه وضع القران الكريم موضع الدراسة والبحث والتحليل لان طريقة القران الكريم عنده هي أسمى من كل الطرق الفلسفية والكلامية ولذلك دعا الدارسين إلى الإقبال على القران الكريم والنهل من علومه،وهذه دعوة يجب أن تجدد باستمرار وان يبقى القران الكريم هو مصدر العلم وان يتدبره الناس وان يتفقهوا فيه فإنه يظهر فيه لكل قوم ولكل جيل من الناس في القران علوم وفوائد ومعارف ماكانت لتظهر أو لم تظهر لمن قبله.
ثانياً: اشتمال القران الكريم على مختلف العلوم والمعارف مما جعله يسموا على كل نتاج بشري.
الأمر الثالث:دعوة أصحاب العلوم الأخرى على الإقبال على القران الكريم.
المسالة الرابعة: إعادة الطمأنينة إلى القلوب هذا مقصد كان يقصده الإمام الرازي من تفسيره ومن تأليفه لهذا التفسير ولاسيما أن الزمان الذي ألف فيه الإمام الرازي هذا التفسير كان مضطرباً بالفتن والحروب والقلاقل في عهد الدولة الإسلامية مع المغول وغيرها.
ولذلك عندما قرأ العلماء هذا التفسير وجدوا فيه من سعة العبارة ومن صحة الذهن ومن الاستنباط الشيء الكثير
ولذلك يقول الإمام الصفدي:اجتمع على الإمام الرازي خمسة أشياء:
سعة العبارة في القدرة على الكلام وصحة الذهن والإطلاع الذي ماعليه مزيد والحافظة المستوعبة والذاكرة التي تعينه على مايريد من تقرير الأدلة والبراهين.
ولذلك كان الإمام الرازي غزير التأليف حيث صنف العديد من الكتب كما تقدم.
و الإمام الرازي أفني جزاً كبيراً من عمره في تعلم علم الكلام وكتب فيه مصنفات كثيرة فلما تقدمت به السن ندم على ذلك وأخذ يحذر من الاشتغال بعلم الكلام وانه لافائدة فيه وان الاشتغال بالقران الكريم خير وأفضل ولذلك الإمام الرازي بدأ تفسيره للقران الكريم وعمره سبع وخمسون سنة بدأ في تفسير القران الكريم وعمره سبع وخمسون سنة، بعد أن اشتد عوده وقويت آلته أو جاوز الخمسين وليس السابعة والخمسين ومن لطيف انه كان يسجل في نهاية كل سورة تاريخ الانتهاء من السورة فسورة آل عمران مثلا قال انتهى من تفسيرها في اليوم الأول من ربيع الثاني سنة 595 هجرية وانتهى من تفسير سورة الأحقاف في العشرين من ذي الحجة سنة 603 وهذا آخر تاريخ سجله في تفسيره ولم يفسر القرآن كما تقدم حسب ترتيب المصحف ابتداءً لكن عندما صنف الكتاب وجمع أصبح مرتبا.
فقد فسر سورة الأنفال في رمضان سنة 601 بينما فسر سورتي التوبة ويونس في بداية شهر رجب من نفس السنة بمعنى قبلها وفسر سورة يوسف في السابع من شعبان سنة 601 وفسر سورة الرعد في يوم واحد وهو الثامن من شعبان سنة 601 واستغرق تفسيره أكثر من عشر سنوات تفسير الإمام الرازي استغرق تأليفه أكثر من عشر سنوات ولم يكتب له مقدمة مفصلة في أوله.
منهج الإمام الرازي في تفسيره:
¥