تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة): لِمَ عبّر تعالى هنا بالذين هادوا؟ في هذا التعبير إشارة إلى أنهم ليسوا اليهود وإنما هم الذين انتسبوا إلى اليهود ولم يكونوا من سبط يهوذا. والنصارى إسم جمع نصرى نسبة إلى الناصرة وهي قرية نشأت فيها مريم عليها السلام أم المسيح وقد خرجت مريم من الناصرة قاصدة البيت المقدس فولدت المسيح u في بيت لحم ولذا سمي عيسى يسوع الناصري ومن ثَم أُطلق على أتباعه إسم النصارى.

(قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) البقرة): لو قال تعالى بقرة صفراء لعلِم بنو إسرائيل أنه لون الصُفرة سيما أن هذا اللون نادر في البقر فلم قيّد الصفرة بصفة فاقع؟ في هذا التعبير مزيد من التعجيز والتقييد وتحديد لبقرة بعينها دون سواها وهنا تضييق على بني إسرائيل فعندما شدّدوا شدّد الله تعالى عليهم.

(إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا (70) البقرة) لم قالوا هذه الجملة في هذه الآية مع أنهم لم يقولوها في المرات السابقة؟: طلب بنو إسرائيل صفات البقرة على ثلاث مراحل طلبوا تحديد ماهيتها (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ (68) البقرة) ومرة طلبوا تحديد لونها (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا (69) البقرة) ولم يعللوا سبب طلبهم فلما لجأوا للتعليل في المرة الثالثة قالوا (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) البقرة) لأن فعل الشيء ثلاث مرات يكون له في المرة الأخيرة وقع في النفس من الضجر والملل فلا بد من إضافة جديد أو تعليل في المرة الثالثة. ولذلك إنتشر في حياتنا التوكيد في الرقم 3.

(أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) البقرة): في هذه الآية استفهام ولكن هل هذا الاستفهام حقيقي؟ أي هل ينتظر المتسفهِم جواباً لسؤاله؟ إنك قد تقول لولدك أو عاملك ألم تعلم أني أكره هذا الأمر؟ فسؤالك لا تنتظر له جواباً وإنما غايتك لوم الفاعل. هذا لا ينتظر منه جواباً وإنما الغاية لوم الفاعل وفي قوله تعالى (أولا يعلمون) استفهام غايته التوبيخ ولوم القوم.

(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78) البقرة): الأمي هو من لا يعرف القراءة ولا الكتابة لكن من أين أتى هذا اللفظ؟ ومن أين اكتسب معناه؟ إن كلمة أميّ إسم منسوب والنسبة هي كل اسم انتهى بياء مشددة فإذا أردنا أن ننسب رجلاً إلى اليمن نقول هو يمنيّ فما الكلمة التي نُسِب إليها الأميّ؟ إن هذا الإسم منسوب إلى الأم أي الوالدة لأنه بقي على الحال التي بقي عليها مدة حضانة أمه له فلم يكتسب علماً جديداً لذلك قيا عنه أميّ.

(فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79) البقرة) لو قال تعالى فويل لهم مما كتبوا لعُرِف بداهة أنهم كتبوا بأيديهم فلِمَ ذكر كلمة (أيديهم) إذن؟ ذكر كلمة (أيديهم) مع أن الكتابة تتم باليدّ لتأكيد وقوع الكتابة من قِبَلهم وتبيان أنهم عامدون في ذلك كما تقول نظر بعينه مع أن النظر لا يكون إلا يتم إلا بالعين وتقول تكلّم بفمك فالغاية من هذا كله تأكيد العمل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير