ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[20 Dec 2010, 04:27 م]ـ
(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ (36)) أُنظر كيف ذكر الله تعالى الفرح بما أُنزِل دون الإيمان به فقال (يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) ولم يقل يؤمنون بما أنزل إليك. ذلك لأن المعنيّ بهذا هم أهل الكتاب فقد سُرّ اليهود بنزول القرآن مصدقًا للتوراة وهم يحسبون دعوة النبي صلى الله عليه وسلم مقصورة على العرب فكانوا يستظهرون بالقرآن على النصارى كما فرح النصارى بالقرآن وكان يستظهرون بالقرآن على اليهود ثم ما لبث الفريقان أن كفرا حينما علما أن دعوة الإسلام عامة لكل الناس على اختلاف أديانهم وانتماءاتهم وأطيافهم وألوانهم وقومياتهم وبذلك يكون قد صدر منهم فرحٌ بما أُنزِل ولم يصدر منهم إيمان به.
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا (37)) قد يتبادر لأذهان كثير منا سؤال مضمونه لِمَ أنزل الله القرآن باللغة العربية؟ ذلك لأن الله عز وجل جعل القرآن حكمة بما فيه من المعاني والمقاصد والحكمة أشرف المعقولات فيناسب شرفها أن يكون إبلاغها بأشرف اللغات وأفصحها وأصلحها للتعبير فاختار اللغة العربية لما فيها من البلاغة والفصاحة والقدرة على الإبلاغ والذي لم يتسنى لأي لغة أخرى.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[21 Dec 2010, 04:32 م]ـ
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً (43) الرعد) لِمَ جاء فعل القول مضارعًا (يقول) مع أنه صدر عن الكافرين في وقت مضى وانقضى ولم يأت ماضيًا (وقال الذين كفروا)؟ ذلك لأن صيغة المضارع تدل على تكرار هذا الفعل منهم واستمرارهم في غيِّهم وإصرارهم على تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم رغم ما رأوا من دلائل على صدقه وفي ذلك استحضار لحالتهم العجيبة التي كانوا عليها واستمروا بها
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Dec 2010, 04:42 م]ـ
سورة ابراهيم
(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ (3)) نحن نعلم أن أي زيادة في المبنى تتطلب زيادة في المعنى. فما الذي أراده الله من الزيادة في (يَسْتَحِبُّونَ)؟ إن زيادة السين والتاء تفيد التأكيد على حب الدنيا فهم يحبونها حبًا جمًا لكنهم لم يكتفوا بهذا الحد بل فضلوا حبها على الآخرة وهذا ما أفاده الفعل (يَسْتَحِبُّونَ) وهو الحب مع الإيثار لذلك عُدي بـ (على) أي يؤثرون حب الدنيا على حب الآخرة. ولو جاء الفعل يحبون دون زيادة للزم أن يقال يحبون الحياة الدنيا أكثر من حب الآخرة فاختصر هذا التفاضل بهذه الزيادة البسيطة.
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ (6)) إذا تأملت في هذه الآية لتساءلت لِمَ قال (اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ) ولم يقل (تذكروا نعمة الله عليكم)؟ ذلك لأن فعل التذكير يتطلب استرجاعًا للحالة واستحضارًا لمجرياتها. أما الفعل (اذْكُرُواْ) فيفيد هذا الاسترجاع والاستحضار مع دوام ذلك في كل وقت وحين وتكرار التذكر لتحصل منه الموعظة والعبرة.
(يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ (6)) إن هذه التراكيب قد ورد نظيرها في سورة البقرة وكذلك في سورة الأعراف بلفظ (يُقتِّلون) بدل (يُذَبِّحُونَ) وفي السورتين السابقتين لم يؤت بحرف العطف فقال (يذبِّحون أبناءكم) (يقتِّلون أبناءكم) أما هنا فقال (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ) وذلك لخطورته وبيان أهميته في كونه يختلف عن سوء العذاب. أما الملفت للنظر أن جملة (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ) لم ترد دون حرف عطف في السور الثلاث وذلك لأنه نوع جديد يختلف عن سوء العذاب لم تألفه البشرية من قبل فالاستحياء في أصله خير ونعمة أي جعلهن يستحين ويخجلن لكنه عندما على عطف على ألوان من العذاب تبين أنه نمط جديد وممارسة قذرة تجعل النساء يستحيين لما في تعذيبهن من كشف لعوراتهن وهتك لأعراضهن وغير ذلك.
(فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ (9)) تأمل هذا التصوير العجيب الذي لم يسبق مثله في كلام العرب فقال (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ) ولم يقل فجعلوا أو فوضعوا وذلك لأن فعل الرد أفاد التكرار في جعل الأيدي على الأفواه فقال وضعوها على أفواههم ثم أزالوها ثم وضعوها ثم أزالوها وهكذا. وهذه هي الحال التي أراد الله تصويرها وهي استهزاؤهم وسخريتهم من البينات التي جاء بها الرسل فهم يضعون أيديهم على أفواههم مما تغشاهم من الضحك والسخرية ثم يزيلونها مشيرين إلى المتحدث ثم يعيدون الكرة مرارًا كالذي نراه من فعل بعض الناس في هذه الأيام.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Dec 2010, 04:31 م]ـ
يقول تعالى على لسان الرسل (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا (12)) تأمل هذا الإيجاز البديع فقد أقسم الرسل على أنهم سيصبرون مستقبلًا على أذى مضى فقالوا (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا) ولم يقولوا (ولقد صبرنا على ما آذيتمونا). ومعنى ذلك أننا سنستمر بالصبر على أي أذى متوقع كما صبرنا في السابق على أذى مضى وفي ذلك زيادة في تيئيس قومهم من تأثرهم بالأذى.
(ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)) لِمَ قال ربنا (خَافَ مَقَامِي) ولم يقل خافني؟ ذكر ربنا خاف مقامي للمبالغة في تعلق الفعل بمفعوله ولإظهار أهميته فالمقام يدل على مكان القيام والله لا يحده زمان أو مكان أي أنه له مطلق الوجود وبما أن الخوف متعلق بالمقام فهذا يعني أنه أبلغ وأشد لأنه سيكون خوفًأ من الله عز وجل في كل زمان ومكان.
(مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ (18)) تأمل كيف شبه ربنا أعمال الكفار بالرماد ولم يشبهها بغير ذلك؟ وذلك أن صورة الرماد معروفة لدى عرب الجزيرة ممن نزل فيهم القرآن الكريم. ثم إن كثرة الرماد كناية عن خلق نبيل ألا وهو الكرم فيأتي كفرهم كريح عاصف فيتشتت هذا الرماد فتذهب أعمالهم سدى دون أن ينتفعوا منها بشيء.
¥