تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[24 Dec 2010, 06:26 م]ـ

(إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)) إنه خطاب عام وشامل إلى كل الناس، فلم يقل الله (إن يشأ يذهبكم أيها المشركون، أيها الكفار) وذلك لإظهار عظيم قدرته عز وجل في إهلاك أهل الأرض جميعًا متى ما شاء وكيفما شاء. وفي ذلك وعيد للمعاندين والملحدين وتهديد للمؤمنين المتقاعسين في الدعوة إلى الحق الساكتين عن الباطل والضلال لأنهم لم يتناهوا عن منكر فعله غيرهم على مسمع منهم ومرأى لذلك أعقب بقوله (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) فلم يحدد ماهية هذا الخلق أهو مؤمن أو كافر لأن جيل من الخلق ليسوا على درجة واحدة من الإيمان أو الإشراك لكن إهلاك قوم والإتيان بآخرين يومئ إلى أفضلية ما اختزنها الله في علمه.

(وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا (21)) هذا أحد مشاهد القيامة ومع ذلك لم يقل تعالى (ويبرزون) أو (سيبرزون لله جميعًا) بل قال (وَبَرَزُواْ) وذلك للتنبيه على أن هذا الفعل هو بحكم الواقع فهو أمر مفروغ منه وسيكون فيه النقاش المرتقب بين الضعفاء والمستكبرين لتبادل الاتهامات بشأن كفرهم وضلالهم.

يقول تعالى حاكيًا كلات إبليس لأولئايه (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ (22)) تأمل هذا الإيجاز وهذه البلاغة. فلم يقل (إن الله وعدكم وعد الحق فوفى بعهده ووعدتكم وعد الكذب فأخلفتكم) وذلك لأن إضافة الوعد إلى الحق فيه مبالغة وتخصيص بهذه الصفة وإشارة إلى أن هذا الوعد لا رجعة عنه ولا نكول ما دام وعدًا حقًا، أما وعد الشيطان فلا حاجة لذكر أنه وعد كاذب بل اكتفى بذكر نتائجه (فَأَخْلَفْتُكُمْ) ليدل على أنه وعد كذب وضلال وفساد.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[25 Dec 2010, 04:25 م]ـ

(وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً (31)) إن الله قد أجمل في هذه الآية حالات الإنفاق بين السر والعلن والتطوع والواجب والصدقة والزكاة لكن ما الدافع لذكر السر قبل العلانية؟ تلك حكمة ربانية يرفع الله بها منازل من ينفق في سبيله ولا تعلم شماله ما أنفقت يمينه لما في ذلك من بعد عن خواطر الرياء واستبقاء لكرامة المنفَق عليهم.

(اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (32)) تأمل تلك الحكمة من هذه الافتتاحية حيث قال تعالى (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ) ولم يقل (ربكم الذي خلق) مع أن في ذلك مزيدًا من التشريف لنا. ذلك لأن الأهمية تكمن في تعيين الخالق سبحانه وتعالى وهو الله عز وجل وهو ربكم ورب غيركم ورب كل شيء ومليكه. إضافة إلى أن المشركين مسلِّمون بأن الله خالقهم لقوله تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (87) الزخرف) مما يعني أنهم يمكن أن يتقبلوا ما يذكره رب العزة من خلق السموات والأرض وما تبعه من ذكر للنعم والمنافع. ولو أنه قال ربكم الذي خلق السموات والأرض لم يكن عند المشركين أدنى قبول به لأنهم لم يعترفوا بهذه الربوبية أصلًا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير