تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أحمد حسن فرحات: أولا القرآن لا يخرج كله عن كونه مبينا ولكن هو مبين بالنسبة لأهل العربية الذين يفهمون العربية هو مبين بالنسبة إليهم، لكن مع ذلك أفهام الناس تختلف وعقول الناس تختلف فبعضهم يكون أقوى من الآخر على إدراك المعاني وما وراء المعاني والبعض الآخر قد يقف عند المعاني الأولية أو المعاني الظاهرة ولا يستطيع أن يتعمق أكثر من غيره، طيب ما العلة في وجود المتشابه أو في وجود المشكل لماذا المشكل؟ طبعا هذه الأمة تختلف عن الأمم السابقة بأن العلماء فيها لهم مهمة كبيرة جدا في عملية الاجتهاد، معروف عندنا أن القرآن يبين بعضه بعضا كما ورد في الآية {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة 16 - 19] لكن بيان القرآن للقرآن أيضا فيه مجال للاجتهاد، قد يجتهد بعض الناس في بيان القرآن بالقرآن ولا يوفق إلى الصواب وقد يجتهد البعض الآخر فيوفق إلى الصواب ويمكن أن نأتي بأمثلة إذا كان يتسع الوقت لهذا الموضوع. عثمان عثمان: لا بأس في مثال واحد.

أحمد حسن فرحات: لما نأخذ مثلا في آية قرآنية {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [القصص:75] معنى الشهيد في الآية هنا حسب أقوال كثير من المفسرين أنه النبي، كما في الآية الأخرى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} [النساء:41] هنا المراد بالشهيد النبي بالإجماع هذا ما فيه مجال للكلام، لكن لما نأتي إلى الآية الثانية {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً .. } نبيا { .. فَقُلْنَا .. } للأنبياء { .. هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ .. } غير صحيح، المعنى غير صحيح، إذاً قالوا كيف يصح المعنى؟ قالوا ممكن يكون الخطاب موجها للأمم وليس للأنبياء، يعني بيصير المعنى {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا .. } للأمم { .. هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} لكن في إشكالات هنا، هذا التفسير بيبقى فيه إشكالات، أين الإشكال؟ الإشكال أننا اضطررنا إلى التكلف توجيه الكلام من الشهداء إلى الأمم مع أن سياق الكلام يوحي بأنه للشهداء الكلام، ثم النزع هو الأخذ بشدة، والأخذ بشدة لا يتناسب مع مقام الأنبياء، هناك قال {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا .. } في تكريم {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} لكن هنا {وَنَزَعْنَا .. } .. عثمان عثمان: في شدة وغلظة.

أحمد حسن فرحات:

أيوه {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا .. } طيب إذا قلنا للأمم مثلما قالوا، طيب يا أخي الأمم فيها مؤمن وفيها كافر، هل يصح أن يوجه الخطاب للمؤمنين؟ {هاتوا برهانكم} لا يصح، إذا بدنا نقول هو للكافرين مش بس للأمم إذا صار في تكلف بعد تكلف، طيب إذاً ما معنى الشهيد هنا؟ شوف في آية بسورة البقرة {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:23] فالشهداء هناك الزعماء الكبراء الذين ممكن أن تستعينوا بهم، الشعراء الكتاب إلى آخره، في هذه الحالة إذاً لما نأخذ الشهيد بمعنى الزعيم في الكفر والضلال في الآية التي نحن بصددها، {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً .. } كبراءهم عظماءهم فقلنا لهؤلاء الكبراء في الكفر والضلال { .. فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} نجد الكلام ينطبق تمام الانطباق، يبقى هذا الكلام كله استنتاج اللي عم نحكيه نحن، لكن هل هناك آية أخرى تؤكد هذا الكلام {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً} [مريم:69] شوف النزع هنا والنزع هناك، بدل الأمم هناك جاءت الشيعة هنا، الأمة هناك جاءت الشيعة هنا، فسر الشهيد هناك بأنه أشدهم على الرحمن عتيا، فصار عندنا يقين هنا أن المراد بالشهيد هو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير