ـ[أم عبدالباري]ــــــــ[17 Oct 2010, 08:45 ص]ـ
الحلقة الرّابعة: الإمام محمد بن جرير الطبري (الجزء الثّاني)
وتفسيره النّفيس: جامع البيان عن تأويل آي القرآن.
وبعد أن بلغ سبع سنوات حفظ القرآن رحمه الله، ثمّ بدأ يؤُمّ النَّاس وعمره ثمان سنوات سنة232 هجرية.
سنة 233 هجرية بدأ يسمع الحديث ويكتبه عن شيوخه وعمره تسع سنوات.
وقد ذكر من ترجم له رحمه الله من حِرصه على وقته ومن احتفائه بالوقت شيئا ًكثيراً.
حتى قال محمد كُرد علي رحمه الله: وما أُثِر عن ابن جرير أنّه أضَاع دقيقة من حياته في غير الإفادة والاستفادة.
رَوى المُعافى بن زكرّيا عن بعض الثّقات أنّه كان بحضرة أبي جعفر الطّبري رحمه الله تعالى قبل موته وتُوفّي بعد ساعةً أو أقلّ منها،
فذُكِر له هذا الدّعاء عن جعفر بن محمد فاستدعى محبرةً وصحيفةً فكتبه، فقيل له: أفي هذه الحال؟! فقال: ينبغي للإنسان أن لا
يدع اقتباس العلم حتى الممات.
فرحم الله محمد بن جرير فقد كان منهجه في تلقّي العلم، ومنهجُه في تعليمه، ومنهجه في التّصنيف مدرسةً يتربّى عليها طالب العلم الجادّ الحريص.
ولذلك فإننّي عندما أتكلّم الآن وأعرض سيرة ابن جرير وأعرض منهجه في كتابه هذا، أتكلم عن مدرسةٍ عظيمةٍ ينبغي لطالب العلم الحريص أن ينهج نهجها وأن يتربى عليها، وماذا يُضير طالب العلم لو أخذ من تفسير محمد بن جرير وأنا أتكلم عن طالب العلم الجادّ الحريص، وأفترض في كُلِّ من يسمعني من الإخوة المشاهدين والأخوات المشاهدات أنّهم من هذا الصِّنف من طُلاّب العلم الحريصين.
هذه القناة العلمية لم تُجعل إلاّ لطلاّب العلم حتى تُثمر مع الزَّمن طلاّب علمٍ يُحافظون على هذا العلم ويحافظون على هذا الدِّين وعلى هذا الميراث الذّي هو ميراث النّبوة وكُلُّنا ننتسب ونفتخر بأننّا نتعلّمه وندعو إليه ونطلبه، ونسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في ذلك.
د. عبدالرّحمن بن معاضة الشّهري
ـ[أم عبدالباري]ــــــــ[23 Oct 2010, 12:14 ص]ـ
الحلقة الخامسة: الإمام القاضي/ عبد الحق ابن عطيِّة الأندلسيرح1
وكتابه (((المُحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)))
ولِدَ ابن عطيّة رحمه الله سنة 481 لأبٍ عالم قاضٍ فقيه. وهو والده الإمام العلامة غالب بن عبدالرّحمن بن غالب بن عطيّة المُحاربي الغرناطي.
كان حريصاً على طلب العلم من صغره وقد عُنِيَ به والده وأسمعه ما عنده وسمع عليه كتب الحديث الكِبار وسمع عليه كتب اللّغة وسمع عليه كتب الفقه فتفقّه بأبيه أوّل ما تفقّه.
فالذّي نقوله في بداية تصنيف ابن عطيّة في التّفسير أنَّه قد بدأه في وقتٍ مبَّكِر والله أعلم أنّه قد بدأه بعد الخامسة والعشرين من عمره. بدأ يُصنِّف في هذا التَّفسير وكان يكتبه تحت عين والده في حياته رحمه الله. ولذلك وجدتُ في كتاب "بُغية الملتمس" للضَّبي أنّ الفقيه أبابكر غالب بن عبدالرّحمن كان ربّما أيقظ ابنه – وغالب بن عبدالرّحمن هو والد ابن عطيّة- أبا محمد عبدالحقّ في اللّيلة مرّتين يقول له: قم يا بُنيّ اُكتب كذا وكذا في موضع كذا من تفسيرك.
ولذلك قال في مُقدِّمته للتفسير: وأنا وإن كنتُ من المُقصِّرين فقد ذكرتُ في هذا الكتاب كثيراً من علم التّفسير وحمَلتُ خواطري فيه على التَّعب الخطير، وعمّرتُ به زمني، واستفرغتُ فيه مُنَني – يعني استفرغت فيه قوّتي- إذ كتاب الله عزّوجل لا يُفَسَّر إلاّ بتصريف جميع العلوم فيه، وجعلتُه ثمرة وجودي ونُخبةَ مجهودي". فدلّ هذا على أنّه قد بَقِي في تصنيفه فترةً طويلة
الذّي بعث ابن عطيّة على تأليف هذا التفسير أيُّها الإخوة أنّه أراد أن يتقرّب إلى الله سبحانه وتعالى بتصنيف هذا التّفسير. وقد رسم لنفسه خِطّةً سار عليها في تناول آيات القرآن في التّفسير حيث استمر مدّة طويلةً في تأليفه.
¥