وينبغي على طُلاّب العلم أن يُعنَوا بهذا التّفسير عنايةً فائقة فهو من أمّهات كتب التّفسير. ويجب على طلاب العلم أيضاً أن يتصدَّوا بتدريسه في المساجد الآن حتى يكون لهم أسوة بتفسير ابن كثير الذّي أخذ حظّه في المساجد وتفسير الجلالين. وأنا أرى أنّ كتاب ابن عطيّة رحمه الله لم يأخذ حجمه وحقّه الذّي يستحقّه بين طُلاّب العلم فإنّه يستحقّ أن يُشرح وأن يُدّرس في المساجد والجوامع فإنّ فيه ثروةً علمية تركها لنا الإمام العلاّمة/ عبدالحق بن غالب بن عبدالرحمن بن عطيّة الأندلسي رحمه الله رحمةً واسعة. نسأل الله أن ينفعنا وإيّاكم بهذا الكتاب العظيم وأن يرحم ابن عطيّة رحمةً واسعة هذا الإمام العلاّمة/ القاضي الأندلسي الذّي تُوفّي في مدينة المُريّة عام 541 للهجرة.في شهر رمضان بعد أن ترك لنا هذا الكتاب العظيم الذّي نعُدُّه من أنفس الذّخائر ومن مفاخر أهل الأندلس.
د. عبدالرحمن بن معاضة الشِّهري
ـ[أم عبدالباري]ــــــــ[07 Nov 2010, 12:16 ص]ـ
الحلقة السادسة: الإمام القُرطبي (((رحمه الله)))
وكتابه النّفيس: الجامع لأحكام القرآن والمُبيّن لِمَا تضّمَنَهُ من السُّنة وآي الفُرقان.
وهو الإمام العلاّمة أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي، هذا الإمام يرجع نسبه إلى الخزرج وهُم أحد قبيليّ الأنصار الذّين ناصروا النبي صلى الله عليه وسلّم عندما هاجَرَ إلى المدينة، وهو ممّن هاجر أسلافه إلى الأندلس
الدَّافع لتصنيف هذا الكتاب
وَذَهَبَ الإمام القرطبي ودَفَعَهُ إلى تصنيف هذا الكتاب فَضلاً عن التَّقرَب إلى الله سبحانه وتعالى، وأنّه قال: صنَّفتُهُ تذكِرةً لنفسي، وعُدَّةٌ ليومِ رَمسِي. إلاَّ أنَّه أيضاً ذهَبَ إلى رأيٍّ وهُوَ أنّ القُرآن الكريم لا تخلُو آيةٌ من آياته من حُكُمٍ شرعي، سواءً كان هذا الحُكُمُ فقهيّا أو غير ذلك، فصنَّفَ كتابه " الجامع لأحكام القرآن". ولذلك فقد استقصى فيه أحكام القرآن الفِقهية، والعَقَدية والتّربوية، وغيرها بقدر وُسعِه وطاقته وَمبلَغه من العِلم.
والإمام القرطبي- رحمه الله- مالكيُّ المذهب، فقد حَرِصَ على بيان مذهب المالكية في كُلّ المسائل الفقهية التّي مرّت عليه في هذا الكتاب. ولذلك يُعَدّ كتابه " الجامع لأحكام القرآن" مرجعاً لمن يريد أن يتعرّف على المذهب المالكي وآراء العُلماء المالكيين في المسائل الفقهية.
وطُبِعَ التَّفسير الآن في أربعةٍ وعشرين مُجَلَّداً، وهذه الطّبعة الآن هي أكمل طَبَعات هذا التَّفسير، فلو سأل سائل من طُلاّب العلم، وقال ما هِيَ أفضل طبعة لتفسير القُرطبي أحصُل عليها وأشتَريها أقول له الطَّبعة التَي طُبِعَت في مؤسسة الرِّسالة في أربعةٍ وعشرين مُجَلَّداً وقام عليها الدُّكتور عبدالله بن عبدالمحسن التُّركي معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حاليّاً
د. عبدالرحمن الشّهري
ـ[أم عبدالباري]ــــــــ[07 Nov 2010, 10:13 م]ـ
الحلقة السّابعة: الإمام ابن كثير (((رح1)))
وكتابه النّفيس:: تفسير القرآن العظيم ...
مزايا تفسير الإمام ابن كثير:
تفسير القرآن بالقرآن، فعندما يأتي الإمام ابن كثير رحمه الله إلى آية من الآيات يتَّتبَع آيات القرآن الكريم الأخرى التي شرحت هذه الآية أودلَّت عليها من قريب أو من بعيد، فيُورِدها في هذا الموضع
إنّ من أهم ما يُعنى به طالب العلم الذي يريد أن يقرأ في كتب التفسير أو يريد أن يفسر أو يريد أن يفهم التَّفسير أو يُدَرِسَ التفسير أن يُعنى بهذا -بتفسير القرآن بالقرآن-ما استطاع إلى ذلك سبيلا, وهذه تعطي طالب العلم ملكة, أنك إذا كنت تريد أن تفسر آية من الآيات: اعصر ذهنك وحاول بقدر ما تستطيع أن تستحضر الآيات التي وَردت مفسرة لهذه الآية بقدر ما تستطيع, وترجع إلى تفسير ابن كثير, ترجع إلى تفسير الشيخ الشنقيطي, أوغيرها من الكتب التي عُنيت بتفسير القرآن بالقرآن.
أفضل طبعات ومختصرات ابن كثير (((رح1)))
وطبعته أيضا دار عالم الكتب بالرياض طبعة هي نفس طبعة دار أولاد الشيخ, وهذه الطبعة هي في نظري أكمل طبعات تفسير ابن كثير الموجودة الآن.
من أفضل المختصرات لتفسير الإمام ابن كثير: كتاب " فتح القدير تهذيب تفسير ابن كثير" للشّيخ القاضي محمد أحمد كنعان.
ولكن دائماً أقول لطلبة العلم الذِّين يسألون ماهي أفضل الطّبعات؟ وما هي أجود الطّبعات؟ ويتكَثّر فيشتري هذه الطّبعة، وهذه الطّبعة، وتلك الطّبعة. وهذا كما ذكر- ابن خلدون رحمه الله- وإن لم يقصد هذا بعينه يُفسِد على طالب العلم طلبه للعلم، فرُّبما أصابه كثرة جمعه، وكثرة الكُتُب ربّما أصابته بالتّوقف والإحباط فلا يقرأ لا هذه الطبعة، ولا هذه الطّبعة، ولا تلك الطّبعة.
والأولى بطالب العلم أن يحرص على طبعةٍ واحدة من هذه الطّبعات فيقتُلها قراءة وبحثاً يقرأها مرّة، مرّتين، ثلاثاً، أربع
وثِق تماماً أنّك سوف تستفيد وسوف تنتفع بما فيها. وأنا أُقَدّر حرص الذّي لم يشتري الكتاب من قبل على أن يشتري طبعةً تكون أفضل الطّبعات، ولكن أعتب على من يتتّبع الطّبعات وهو لا يقرأ فيها شيئا.
ويحضرني حادثة لطيفة وهي أنّ محمد بن يسير الرِّياشي كان مُولِعاً بجمع الكُتُب لكنّه لم يكن يتمكّن من الاطّلاع عليها كُلّها، فلمّا رأى كثرة الكُتُب، ورأى ضيق الوقت قال أبياتاً هي تصلُح عبرةً لطالب العلم الذّي يحرص كثيراً على جمع الطّبعات فقال:
أما لَو أَعِي كل ما أسمعُ .... وأحفظُ من ذاك ما أجمعُ
ولم أستفد غيرَ ما قد جمعتُ ... لَقيل: هو العالم المصقعُ
ولكنَّ نفسي إلى كل لونٍ ........ من العلم تسمعه، تنزِعُ
فلا أنا أحفظُ ما قد جمعتُ ..... ولا أنا من جمعه أشبعُ
فمن يكُ في علمه هكذا ..... يكن دهره القهقرى يرجعُ
إذا لم تكن حافظاً واعياً ...... فجمعك للكتبِ لا ينفعُ
د. عبدالرّحمن الشّهري
¥