تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وغضَبِ يعني ليس المنع العادي. قال عزَّوجل (وغَدَوا على حَردٍ قادرين) أيّ على امتناعٍ من أن يتناولوه قادرين على ذلك، ونزَلَ فلاناً حِريداً أيّ ممتنعاً عن مخالطة القوم فهو حريدُ المحل، وحاردت السَّنةُ منعت قطرها .. انتهى.

لكن انظر إلى كلمة أخرى وَردت أكثر من مرّة مثل (حَرَجَ) يقول أصل الحَرَج والحَرَاجي مجتمعُ الشيئين ص 226، وتُصُوِّر منه ضيقَ ما بينهما، فالضيِّق حَرَجٌ،وللإثمِ حَرَجٌ قال تعالى (ثمَّ لا يجدوا في أنفسهم حَرَجاً) وقال عزَّوجل (وما جعل عليكم في الدِّينِ من حرج) وقد حَرِجَ صدره قال تعالى (يجعل صَدَرَه ضيِّقاً حَرَجا كأنما يصَّعَّدُ في السَّماء) وقُرئَ (حَرِجاً) أي ضيِّقاً بكفره لأنّ الكفر لا يكاد تسكُنُ إليه النّفس لكونه اعتقاداً عن ظنٍّ، وقيل ضُيِّق بالإسلام كما قال تعالى (خَتَم الله على قلوبهم) وقوله تعالى (فلا يكن في صدركَ حَرجٌ منه) قيل هو نهيٌ، وقيل هو دعاءٌ، وقيل هو حُكمٌ منه، نحو (ألَم نشرح لكَ صَدرَك) والمتحرِّج المتحوِّبُ المتجنِّبُ من الحَرَجِ والحبو.

فنُلاحظ أنّه يجمع الآيات التي وردت في نفس اللّفظة من القرآن كامل وهذه ميزة عنده، فيُقَدِّم الحديث عن القرآن ثمَّ يستشهد بالأحاديث أحياناً ويستشهد بالشِّعر أحياناً، ثمَّ إذا كانت لها معانٍ مجازية ذكرها بآخر حديثه.

المقدِّم: طبعاً كلمة (عَدَل) ذكر الآيات كلّها في العَدل، وذكر معنى العَدل وما يتبعها

الضيّف: نعم،طبعاً هناك بعض الكلمات في القرآن الكريم تكرَّرت كثيراً فهذه يُطيل فيها.

المقدِّم: لكن إذا كانت الكلمة خُماسية كيف أرُجع الكلمة وأعرف أنّها موجودة.

الضيّف: ممتاز، تُرجعها إلى أصله،

المُقدِّم: ولكن كيف أرجِعها إلى أصلها مثل كلمة الحكمة

الضيف: حَكَم، لابد أن يكون لديك معرفة بالصَّوت، ولذلك (نُزهة القلوب) للسَّجستاني أسهل منه، فإنّها رتّبها ترتيباً ألف بائياً لكن لم يُرجعها إلى أصولها، فمثلاً كلمة (أقامُوا) لا تجدها في مادة (قَوَمَ) وإنَّما في مادة الألف (أقام) وهكذا فهذه طريقته، وحقيقةً طريقته مميَّزة.

وأيضاً من مميزات الرَّاغب الأصفهاني التي أجَادَ فيها وهي أنّه لا يكتفي بالمعاني التي يذكرها أصحاب اللُّغة، يعني يرجِع إلى كُتُب معاجم اللُّغة يستفيد منها كثيراً مثل كتاب (المُجمل) كما قلت لابن فارس ومن سبقه ككتاب (العين) للخليل بن أحمد الفراهيدي. لكن هناك معاني في المفردات القرآنية يدُّل عليها السِّياق في القرآن لا يذكرها علماء اللُّغَة، فهذا يَلتقط المعاني التي يدُّل عليها السِّياق ويُضيفها هنا، ولذلك تميّز بهذه المِيزة، ولذلك يُعتبر من أجود كُتب المفردات على الإطلاق.

المُقَدِّم: وطريقته في التفسير طريقة محمودة يا شيخ

الضيَّف: طبعاً، فهو على مذهب أهل السُّنة والجماعة كما ثبتَ في ترجمته، وكان يَرُد على القدرية وعلى المرجئة والمعتزلة فهو سُنِّي كما يظهر من كتابه. طبعا ميزة الكتاب لمّا طُبِع بهذا المستوى في مجلد واحد، الآن لمّا تُريد أن تبحث عن أيّ آية لابد أن تُرجِعها إلى أصلها، ثمَّ تبحث عنها في المادة، وقد صنع الأخ المحقق (صفوان داودي) جزاه الله خير، طبعاً الكتاب له تحقيقات كثيرة حقّقها الدكتور محمد أحمد خَلَفَ الله عام 1390 وطبعه مرّة أخرى، وحقَّقَه نور محمد كَرَاجي في باكستان، وحُقِّقَ تحقيقات في بيروت وطُبِعَ طبعات كثيرة جِدّاً، فهذا الكتاب من أكثر الكتب طباعةً في غريب القرآن. ثمّ حقّقها الأخ صفوان داودي 1412 من الطبعة التي عندي هنا هذه هي (الطبعة الأولى) دار القلم، فأجاد فيها أيَّما إجادة جزاه الله خيراً، فهو أجود تحقيق موجود الآن هو هذا التّحقيق وجمعه في مجلّد واحد، فعندما تحمله الآن في يدك تستطيع أن تُراجع أيّ مفردة بكل سهولة وتُرجعه إلى أصله

المقدِّم: ولا يعني من سيرجع لهذه اللّفظة سيرجع إلى معناها فقط بل سيعرف اشتقاقها وماذا يُستعمل له

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير