تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما وقع الإنسان في مصيبة إلا بسبب تركه أمرًا من أوامر الله. مهما حاولت أن تبحث عن سبب لما يقع فيه الإنسان من مصائب ومشاكل إلا وهي ترك أمر الله تبارك وتعالى فالناس لما تركوا أمر الله بتدبر كتاب الله لم ينتفعوا كثيرًا بهذا الكتاب العظيم الذي هو كتاب التفاؤل والإيجابية وكتاب العمل والجد والنشاط والحياة الحلوة. أنت عندما تقرأ القرآن بتدبر تجد أن القرآن كله خير وبركة تجد أنه يفتح لك أبواب الأمل. يوسف عليه الصلاة والسلام انظر في قصته، هذه قصة كل من أصيب، حتى السلف كانوا يقولون يجب أن يوصى كل من أصيب بمصيبة أن يقرأ سورة يوسف حتى ينفتح باب الأمل. هذا الولد الذي اعتدي عليه وهو صغير طفل فيغيب في بئر مظلمة ويذهب إخوانه ثم لما يأخذه السيّارة يبيعونه على أنه عبد رقيق ثم يبقى في العبودية ثم يضطهد من زوجة الذي اشتراه وهو عزيز مصر ثم يتهم بأنه يريد فعل الفاحشة بها وأنه يخطط لذلك (قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) يوسف). يوسف اتهم بتهمة كان بريئا منها وأودع في السجن ظلما وعدوانا لما دخل السجن ما قال أنا كتب علي أن أكون مظلوما ومحروما ويجب عليّ أن أبقى كئيبًا، لا، صار يعمل في السجن ويسلي السجناء ويحسن إليهم ويتصدق عليهم ويخفف عليهم وطأة السجن ولذلك (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) يوسف) يعني يوسف مظلوم ومسجون ومتهم واسترقّ وبيع ظلما وعدونا وأخذ من ابويه وحرم من الحياة معهم ومع هذا يقال له (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، يوسف ما قال لهم ابتعدوا عني أنا مشغول بآلآمي وهمومي ومصائبي؟! لا، وإنما بدأ يدعوهما إلى الله عز وجل (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37)) (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40)) يوسف بدأ يدعو هؤلاء القوم ويذكرهم بالله عز وجل لكنه لم ينس مصيبته وقضيته والتذكير بها (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ (42)) يعني قضيتي باقية، يعني يوسف مع أنه يشعر أن هناك ظلم وأنه يتمنى أن يخرج مما هو فيه إلا أنه لم يترك عمله بل قدم العمل الأساسي والإيجابية في الحياة على أصل القضية التي أودع من أجلها السجن، يعلم أن هذا قدر من الله سبحانه وتعالى وأنه سينجو متى كتب الله تعالى له أن ينجو. خرج يوسف عليه الصلاة والسلام من السجن وهذه أكبر عبرة لأولئك الذين يكتئبون في الحياة نقول لهم انظروا إلى يوسف عليه السلام خرج من السجن إلى عرش الملك، الملك يصطفيه ويقول له ماذا تريد؟ (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (54)) قال يوسف (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)) ثم يبدأ مسلسل النتائج ما يشعر إلا إخوته يأتون إليه ويدخلون عليه (وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (58)) والفترة طويلة جدًا، الفترة ما بين فقده إلى اليوم طويلة لذلك إخوته ما كان عندهم شك أن هذا الرجل لا يمكن أن يكون يوسف ولذلك عرفهم وهم له منكرون. من يقول أنه يتنكر بقناع أو غيره فهذا غير صحيح لأنه لو تنكر بقناع لكانوا معورين لكنهم كانوا له منكرون، من هذا؟! لا يمكن أن يكزون هذا يوسف عليه الصلاة والسلام. ثم يأتي مسلسل الفرج. تأتي قضية أخرى تشعرنا أن يعقوب عليه السلام قد ربّى في يوسف هذا الأمل لما جاؤوا إليه وقالوا إن أخاه أيضاً قد أخذ معه وأن أخاه الأكبر قد بقي في مصر (ارْجِعُواْ إِلَى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير