تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)) قال يعقوب عليه السلام (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ (83)) يا الله! هذه الكلمة الجميلة التي قالها يعقوب عليه السلام في هذا الموقف! (عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا) غاية الأمل وعدم الياس من روح الله سبحانه وتعالى. (عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الآن إذا كنت تريد أن يأتي هذا الإبن الأصغر بنامين والأخ الأكبر فهذا معقول لأنهما موجودان في مصر معروفة قضيتهم لأنهم احتبسوا لأمر معين لكن أين يوسف؟! يوسف ذهب في الدهر الأول منذ أربعين سنة فهو في عداد الموتى وليس في عداد المفقودين! ولكن يعقوب عليه السلام يقول (عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ثم يقول بعد ذلك (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) دعاهم إلى العمل ثم يأتي بقاعدة قرآنية عجيبة وهي أن الإنسان لا يياس من فرج الله ولا من روحه (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) كيف؟! الآن الإخوة يذهبون ليأتوا بالأخ الأصغر بنيامين والأخ الأكبر لكن يوسف أين هو؟! يعقوب يفكر في أمر بعيد لكن لم ييأس من روح الله يعطينا ويعطي كل واحد الأمل الكبير في أنه مهما كثرت المصائب ومهما عظم الخطب فإنه لا يأس من روح الله. والواقع يدل على ذلك ففي العصر الحديث نلسون مانديلا بقي في السجن سبع وعشرين سنة مسجونًا لأنه كان معارضًا للحكومة في جنوب إفريقيا وبعد سبع وعشرين سنة يخرج من أقبية السجون إلى عرش الرئاسة ويكون ريئسًا لدولة جنوب إفريقيا ويكون محبوبًا من الشعب ويكون رمزًا للصبر والمثابرة والأمل وكان في السجن يكتب ويحرر الأوراق ويدعو المناضلين من أمثاله للمصابرة وكان هناك مفازة بعيدة أمام تغير الوضع ولكن أراد الله تبارك وتعالى ذلك، هذا مع كافر! فكيف مع مسلم؟ كيف إذا كان يقرأ القرآن؟ كيف إذا كان يسمع قصص الأنبياء؟ كيف إذا كان يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لما كان في الغار والمشركون حول الغار جالسون ينظرون ويتحدثون وأبو بكر يسمعهم ويقول يا رسول الله القوم وصلوا إلينا فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم مسليًا ومصبّرًا ومؤمِّنًا ومرجيًّا "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ " (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا (40) التوبة) ما دام الله معنا فلن يضيرنا شيء ولن يكون إلا ما قدّر الله سبحانه وتعالى وقضاه فأبشِر وانتظر الفرج من عند الله سبحانه وتعالى.

النتائج في قصة يوسف كثيرة لما دخلوا على أخيهم يوسف قالوا (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)) هنا أراد يوسف عليه السلام أن يكشف الحقيقة ويبين لهم (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)) هذه قاعدة قرآنية (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ونحن نقول لكل مبتلى ولكل إنسان ولكل من يدخل في الحياة إتق الله واصبر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير