تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما الآن فلي حديث عن لقاء عقدته مع الدكتور فهد الرومي، وقبل ذلك لابد لي أن أشير إلى ذلك الموكب المهيب، حين أشهر الأخ طارق إسلامه، وكان ذلك أيضا في صباح اليوم الثاني .. الأخ طارق هو رجل أعمال اسباني، سبق وأن تحدث مع الأخ محمد بو نكة، الذي عرض عليه الإسلام ... يقول الأخ محمد بونكة: كنت حدثته عن القرآن وعن بعض ما فيه، ذكرت له بعض اللطائف العددية في القرآن كعدد الأيام ... الخ فقال له: دعك من المزاح .. قال الأخ محمد: فقلت له: ما كنت مازحا معك ولكنه الحق ... (بعدها لا أدري كيف تأكد من تلك المعلومات).

يقول الأخ محمد: فلما علم، سجد لله أمامي ثلاث سجدات ... ونحمد الله للأخ طارق أن هداه للإسلام، وللأخ محمد أن جعله سببا في هداية مؤمن ونجاة نفس من النار، ولنا جميعا بالميلاد الجديد لأخينا الحبيب طارق.

كان بجواري في الجلسات المسائية الأخ محمد بن جميل الوحيدي، وكنت إذا جاورني أحس بغبطة وأنس لم أعهدهما إلا معه ... وقد كان مشوشا (بكسر الواو) .. وكم يعجبني الرجل المشوش .. فكنا نخاطب بعضنا حتى أثناء سير المحاضرات .. وما عاب علينا أحد ذلك .. لأنا لم نكن نزعج أحدا، فقد كنا نخاطب بعضينا أثناء المحاضرة كتابة لا كلاما، فأسأله ويجيب وربما سألني وأجبته، وكانت الكراس تدور بيني وبينه مرة عندي ومرة عنده .. وكنا نتحدث أغلب الأحيان عن فحوى المحاضرة التي نحن فيها.

وكان أن كتب إلي مرة يطلب مني أن أتحدث إلى الدكتور فهد الرومي، وكان يفصلني عنه كرسي أو اثنين، فكتب:

لو كلمت الدكتور الرومي بخصوص الملتقى والموقف من الإعجاز العددي كونه مستشارا، وهو من مؤيدي الإعجاز العددي.

فكتبت في بداية الورقة الموالية:

ما موقفكم من حذف الموضوعات المتعلقة بالإعجاز العددي في ملتقى أهل التفسير كونك مستشارا فيه؟ حفظكم الله

ثم دفعت الكراس إلى الدكتور فهد أريد جوابه .. فربما لم يفهم مني فأدار الورقة إلى الخلف فإذا هو يقرأ طلب الوحيدي مني .. فلم نستطع أنا وأخي الوحيدي أن نكتم الإبتسامة لما رأيناه أدار الورقة .. ولا أدري أفهمنا الدكتور أم لم يفهمنا .. فأشرت إليه أني أريدك أن تجيبني على هذا السؤال، وأدرت له الورقة فقال، طيب وكتب:

أولا: لست مستشارا فيه ويشرف عليه مجموعة من الأساتذة الأفاضل.

ثانيا: لا أعلم ما سبب حذف الموضوعات ولم أطلع عليها حتى أعرف السبب، ولعله لمغالاة بعض المشاركين وتحميلهم للنصوص والنتائج ما لا تحتمل كما رأينا في بعض المداخلات هنا مثلا؟

فكتبت إليه: هل مداخلات جلغوم التي تمثل أكثر المداخلات في هذا الباب في الملتقى هي من بين تلك التي تحمل النصوص ما لا يحتمل؟ وهل مداخلته في الجلسة الصباحية تحمل النصوص ما لا يحتمل؟ جزاكم الله خيرا.

فكتب إلي: أولا لست من المتابعين لما كتب عن الإعجاز العددي في الملتقى، ولم أحضر جلسة جلغوم فقد كان لدي ظرف خرجت في أولها .. وبما أنه صنف من المكثرين أو المغالين فالغالب أن يكون فيه أخطاء .. أقول هذا بصفة عامة ولعلي أراجع ذلك لاحقا.

فكتبت إليه: أتمنى أن تطلع على بحث الأستاذ جلغوم وتعطيني رأيك فيه حتى من خلال الملتقى إن شئت.

هل توافق على هذا الرأي؟

إن أصول العلوم الحديثة كانت كلها من القرآن، ودليل ذلك أننا لم نكن نعرف هذا التقعيد والقياس والمنطق إلا بعد نزول القرآن.

فكتب: لم يظهر لي وجه العلاقة بين الدليل والمدلول؟

فكتبت: في تاريخ العلم مرت الإنسانية قبل الإسلام بمستوى علمي كبير لم يدون ولم يبن على قواعد ولم ينشر ولم يفصل ولم يحمل على ما هو عليه الآن. وبعد مجيء الإسلام أصبح للعلم قواعد ومناهج بحث ... الخ، بماذا تفسر ذلك؟

فكتب: نشأة علم أو تطوره بعد الإسلام، لا يعني أن أصوله في القرآن. فقد ينشأ من العلوم ما ليس له أصول في القرآن بمعنى ظاهر.

فكتبت: بماذا تفسر غياب سبعة قرون هي الأولى من عمر الإسلام من تاريخ العلم، وكيف عاشت البشرية خلال تلك القرون السبعة؟

فكتب: هل القرون السبعة غابت من تاريخ العلم؟

وكتبت: بماذا تفسر أن يكون الجبر وهي من أبواب الرياضيات التي تمرستها وأعرفها ترجع أصولها إلى علم الفرائض؟

وكتب: لم يكن السؤال عن الجبر إنما عن أصول كل العلوم.

فكتبت: غابت تلك القرون السبعة من مناهج التعليم حتى يتوهم المتعلم أن المسلمين لم يصنعوا في تلك العلوم. فلما رجعت إلى بعض المخطوطات، وجدت أنهم قد أصلوا لكل هذه العلوم ...

فكتب: قلت غابت وفرق بينها وبين غيبت .. نعم قد تكون غيبت وتجوهلت لكنها في الواقع موجودة.

أما عن أصول العلم، فإذا كان المراد بأصول العلم مجرد إشارة أو استنباط المسألة العلمية فأغلب العلوم موجودة في القرآن، وإن كان المراد التأصيل والتقعيد فليس كل العلوم.

فكتبت: طيب، جزاكم الله خيرا .. لو لم ينزل القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم. هل ترى أن ستعيش الإنسانية هذا التطور العلمي؟

فكتب: مثل هذا افتراض لا يعلمه إلا الله، وقد يهيئ ما يؤدي إلى هذا التطور، ولا ثمرة لمثل هذا الافتراض.

فكنت كلما أردت تصيده صادني .. فقد كان ذكيا لامعا .. حتى خامرني أن أسأله: لماذا لا ينبغ علماء الشريعة في زماننا في الرياضيات وهم على هذا المستوى من الذكاء؟ ولكن سهوت أن أسأله، وسألته سؤالا آخر أردت أن أختم به .. فلما قرأه هم أن يكتب شيئا ثم تبسم وأشار برأسه أن لا .. ودفع إلي الكراس وأشار بيده أن بعد انتهاء المحاضرة.

وبعد انتهاء المحاضرة استويت أمامه فضحك واحتضنا بعضنا .. جزاه الله خيرا.

وجزاني وجزاكم

لي عودة معكم إن شاء الله تعالى

أسألكم الدعاء

يغفر الله لي ولكم

عمارة سعد شندول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير