حوارٌ بلاغيّ ..
ـ[أنوار]ــــــــ[23 - 12 - 2010, 10:14 ص]ـ
ما مدى صحة العبارة التالية:
إن الزمخشري هو أول من ميّز بين مصطلحيّ " علم المعاني، وعلم البيان ".
وأول من قسّم البلاغة العربيّة إلى علمي معانٍ و بيان.
وذلك في معرض حديثه عن العلماء الذين يستطيعون تفسير القرآن إذ يقول:
" لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن وهما " علم المعاني، وعلم البيان ".
؟؟
ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 12 - 2010, 11:31 ص]ـ
أنوار .. أحرى بكِ أن تسمي الزاوية: مسائل بلاغيّة.
هذا أولا ..
وثانيا: العبارة السابقة غير صائبة وذلك أن قول الزمخشري السابق لم يكن واضحا ..
فقد كان يطلق على مباحث البلاغة جميعها " علم البيان ".
مثلا:
- الاستئناف المعروف في باب " الفصل والوصل " من أبواب "علم المعاني "، يجري عند الزمخشري تحت اسم " علم البيان "؛ وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: " قِيل: ادخل الجنة " (يس 36)، يقول الزمخشري: ما مخرج هذا القول من علم البيان؟ ويجيب قائلا: مخرجه مخرج الاستئناف.
- وكذلك فعل في " الاختصاص " وهو من أبواب " علم المعاني " في معرض تفسيره لقوله تعالى: " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق. (الإسراء 100)، وبعد أن يشرح الآية من الوجه الذي يقتضيه علم الإعراب، يقول: فأما ما يقتضيه "علم البيان " فهو أن " أنتم تملكون " فيه دلالة على الاختصاص، وأن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ ".
- واللف والنشر يعد من "علم البديع " ويتحدث عنه الزمخشري باسم " علم البيان "في معرض تفسيره لآية الصيام:" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " (البقرة 185)، فيقول: " وإن هذا النوع من اللف لطيف المسلك، لا يكاد يهتدي لتبيُّنه إلا النقَّاب المحدِّث من علم البيان ".
ويقول البهاء السبكي عن الزمخشري: إنه كثيرا ما يقع كلامه في الكشاف تسمية علميّ " البيان والبديع " بعلم البيان، وقد يسمي علوم البلاغة الثلاثة بعلم البديع والشاهد على ذلك قوله في قوله تعالى: " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " (البقرة 16)، إنه من الصنعة البديعية ".
والزمخشري وإن ذكر مصطلح "البديع " عند ذكر بعض ألوانه، كالجناس عند قوله تعالى: " وجئتك من سبأ بنبأ يقين " (النمل 22). فيقول: إن هذا من جنس البديع الذي سماه المحدثون " البديع "، وهو من محاسن الكلام التي تتعلق باللفظ.
كما ذكر مصطلح "علم البيان " عند ذكر بعض ألوانه عند تفسيره لقوله تعالى: " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة " (الزمر 67).
وعلى الرغم من ذلك فقد خلط بينهما جميعا، فبحوث علم المعاني أطلق عليها علم البيان، كما في الاختصاص، والاستئناف المعروف في " الفصل والوصل ".
و"اللف والنشر " الذي يعد من " علم البديع " تحدث عنه باسم " البيان ".
والصورة البيانية الخالصة وصفها بالصنعة البديعية.
الخلاصة:
إن ذكر " علم البيان " و" علم المعاني " في كشاف الزمخشري، لا يعدو أن يكون مجرد تسمية أطلقها دون أن يفرق من الناحية العلمية والتطبيقية بين مباحث علم البيان وعلم المعاني.