تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ما الصواب؟]

ـ[طالب الحق]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 11:13 م]ـ

السلام عليكم

هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى البلاغة العربية.

أوّد أن أسألكم إخوتي: في قوله تعالى (إنّا لا نضيّع أجر من أحسن عملا)

ما الغرض من الخبر في الآية الكريمة هل الغرض الوعظ والإرشاد أم لازم الفائدة أم فائة الخبر؟

ولكم جزيل الشكر أرجو الإجابة مع شيء من التوضيح إن تكرمتم

ـ[ندى الرميح]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:46 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأستاذ الفاضل طالب الحق:

حياك الله وبياك، ومرحبا بسؤالك الذي يسعدني أن أعلق عليه مجتهدة، والله المستعان:

يُقصد بالخبر – غالبًا - أغراضٌ أخرى غيرُ غرضيه الرئيسين: فائدةِ الخبر، ولازمِ الفائدة.

والمرجع في معرفتها إلى تفهم السياق الواردة فيه، وقرائن الأحوال اعتمادًا على الذائقة السليمة، والبصر برامي القول وأهدافه.

ولنعد إلى سياق الآية الكريمة التي دار السؤال حولها؛ لتلمس غرض الخبر فيها:

قال تعالى: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " (الكهف: 29 – 30).

لاحظ معي الخبرين، وقد جاءا مصدّرين بالتوكيد، ولكل توكيد غرضه:

" إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا "

" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا "

الغرض من الخبر الأول هو الوعيد الشديد، وتأكيد للتهديد المفهوم من التخيير في قوله: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " مع ما في هذا التخيير من إيحاء باستغناء المعبود عن الخلق.

وفي توكيده دفعٌ لإنكار المنكرين – وهم هنا المشركون – لأمر البعث، ومن ثم الجزاء، وغني عن البيان أن إنكار البعث من أكثر ما أنكره المشركون.

وفي تصوري أن قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات " خبر غرضه: الحث والحض على الإيمان المفهوم من التخيير " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ".

وقوله: " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " الغرض منه: الوعد للمؤمنين بكرامة المآل، وقد روعي فيه أحوالهم، وصيغ وعدهم بمؤكدات ترمي إلى هدهدة مشاعرهم، وطمأنة نفوسهم بعد أن استشعروا عظيم ما أعد للكافرين من سوء المصير، ولذا خوطبوا – بالتوكيد - خطاب المنكر (نزل غير المنكر هنا منزلة المنكر)، فأكد الخبر؛ تثبيتًا لهم.

والله – تعالى – أعلم.

ـ[طالب الحق]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:35 م]ـ

أختي الكريمة أولا أحمد الله لوجود رد على مشاركتي وذلك بعد العدد الخمسين من القراء. وثانيا أشكرك للتوضيح الجميل والمسهب للمسألة. ولكن ما أوده أختي هو الإجابة عن السؤال ضمن إحدى الخيارات المطروحة في مشاركتي وهي الوعظ والإرشاد أم لازم الفائدة أم فائدة الخبر؟ ولك جزيل الشكر والعرفان

ـ[ندى الرميح]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 02:59 ص]ـ

حياك الله مرة أخرى أخي الكريم ..

قد أجبتك بما هو متبع في النظر البلاغي، وهو ربط الكلام - خاصة الذكر الحكيم - بسياقه الوارد فيه، وبينت غرض الخبر - وهو الوعد بكرامة المآل للمؤمنين - في قوله تعالى: " إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ".

ليس الغرض من الخبر هنا الفائدة؛ لأن من استقر فيهم الإيمان لا يجهلون هذا الخبر.

ولذا أرى أن الخبر هنا غرضه: لازم الفائدة، ولكن لازم الفائدة هنا وحده لا يفي بالمراد، فضم إليه غرض: الوعد بكرامة المآل للمؤمنين بعد أن هجس في خواطرهم هاجس الخوف من وعيد الله للكافرين؛ فأريد طمأنتهم ... هذا هو الغرض الذي غلب على ظني؛ لارتباطه بسياق الآية.

وإذا قطعت الآية عن سياقها، فإن لخبرها غرض لازم الفائدة - على ما تقدم - مع غرض الحث على الإحسان في العمل، ولا يمنع غرض النصح والإرشاد كما تفضلت، بيد أني أجد غرض الحث هنا أقوى.

والله - تعالى - أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير