تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من نصوص الكبر]

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2010, 04:09 ص]ـ

من حديث: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ":

فذلك من العموم الذي دل عليه دخول أداة النفي على المصدر الكامن في الفعل، فامتنع دخول الجنة لمن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فإن تسلط النفي يؤول إلى: لا دخول للجنة ..... إلخ، وذلك عموم مخصوص بما قرره أهل العلم من مكفرات الذنوب خصوصا أو موانع نفاذ الوعيد عموما، فلا يدخل الجنة من سبقت عليه كلمة العذاب فكان تحت المشيئة، فلم تكتب له النجاة، فذلك عدل الرب، جل وعلا، ولو شاء لكتبها له فنجا بلا سابقة عذاب فذلك فضله يؤتيه من يشاء وهو الواسع، فله سعة الصفات جلالا، فأخذه شديد، وجمالا فرحمته وسعت كل شيء، العليم فهو أعلم حيث يجعل رحماته، فيعلم المحال التي هي أهل لمغفرته، وإن دخلت في حد وعيده، فقد قام بها من موانعه ما صارت به أهلا لنيل كرامته، جل وعلا، فهو الكريم الذي يفي لمن وعد فلا يخلف وعده، فذلك نقص تنزه عنه آحاد الصادقين وآحاد الكرام من البشر، فتنزيه الرب، جل وعلا، عنه ثابت بل واجب من باب أولى، فضلا عن ورود النص الشرعي بإثبات وصف السلب المنفي، فـ: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ): فأضيف الوعد إلى اسم الله، عز وجل، فهو من جملة كلماته الخبرية الصادقة فضلا عن دلالة الإضافة إلى اسمه، جل وعلا، على تعظيم المضاف فلا أعظم ولا أصدق من وعده، جل وعلا، لعباده المؤمنين فذلك من الوعد في معرض الترغيب، فله دلالة إنشائية بالحث على الفعل الذي يتذرع به إلى نيل الوعد الرباني الصادق، وأما الوعد في معرض الترهيب فمنه قوله تعالى: (لَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، فالوعد معنى يقبل الانقسام إلى الضدين: الوعد بالخير ترغيبا والوعد بالشر ترهيبا، والسياق هو الذي يعين مراد المتكلم على ما اطرد مرارا من دلالة القرينة السياقية اللفظية أو الحالية على المعنى المراد فهي من جملة ما يحتف باللفظ من القرائن التي ترفع إجماله وتزيل إشكاله.

وحسن في مقام الاحتراز من وصف الرب، جل وعلا، بوصف نقص لا يليق بذاته القدسية، حسن التوكيد بتصدير السياق بـ: "إن" في معرض التعليل لما سبقه من جريان السنة الكونية بإنزال القوارع بالكفار فذلك لا يعارض ما تقدم من سعة رحمته وعدم نفاذ وعيده في بعض العصاة، فإن ذلك إنما يكون لأهل الكبائر أو المخلطين من أهل التوحيد، فقد: (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، والرجاء في التنزيل محمول على حصول المرجو فذلك الأليق بكرم الرب جل وعلا فلا يخيب رجاء عباده إن أحسنوا الظن فأحسنوا العمل وجددوا التوبة والاستغفار، فمعهم أصل التوحيد الذي تحصل به النجاة ولو تقدمتها سابقة العذاب المؤقت في نار التطهير لعصاة الموحدين، فحسن التوكيد في معرض بيان نفاذ السنة الكونية، فهي من أمارات الجلال الإلهي بإيقاع العذاب الكوني بالذين كفروا، فالتعريف بالموصول قد أبان عن العلة، فالكفر سبب رئيس لنزول القوارع والأخذ بالسنين، فبها التذكرة، فـ: (لَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)، وبها التهلكة، فـ: "أنَهْلِكُ وفِينا الصَّالِحون؟ قال: 'نَعَمْ إذا كَثُرَ الخَبَثُ'"، فتنزل بمن قامت به علة الكفر: القوارع الكونية، فالتنكير يفيد التهويل من وجه والنوعية من آخر، فدلالته على الشيوع ظاهرة فهو بمنزلة اسم الجنس الذي يدل على قليل المعنى وكثيره، فهي قارعة أطلقت فلم تقيد بوصف أو عدد، فذلك أبلغ في الزجر، فالإطلاق هنا يزيد المعنى بيانا، كما أن التقييد في نحو قوله تعالى: (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) يزيل الإجمال برفع الاحتمال فهي دكة واحدة لا غير، ولو أطلقت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير