تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2ـ القدرة الواسعة على التخيل:

لا تكفي المعرفة والخبرة والإطلاع في مساعدة الباحث في بناء فرضياته، اذ لا بد ان يمتلك أيضا قدرة واسعة على التخيل والتصور، وهذا يتطلب ان تكون عقلية الباحث متحررة وقادرة على تصور الأمور بصورة سليمة وقادرة على بناء علاقات غير موجودة او على التفكير في قضايا غير مطروحة واستخدامها في تفسير قضايا أخرى، ويقصد بالتخيل هنا، ان الباحث يحرر نفسه من أنماط التفكير التقليدية ويتجاوز حدود الواقع دون تردد لذلك ينبغي على الباحث ان يخصص وقتا طويلا لبناء فرضياته، فالباحث لا يتمكن من وضع فرضياته العلمية من خلال تعامله مع الواقع، بل عليه ان يتجاوز هذا الواقع ويبدأ بتخيل وجود علاقات يخضعها للتجريب ومع ذلك تبقى المعرفة الواسعة والتخيل مصادر هامة لبناء الفروض العلمية ولكنها مصادر لا تكفي لذلك ولا بد من إضافة مصدر ثالث لها وهو الجهد والتعب.

3ـ الجهد والتعب:

يخصص الباحث المتمرس وقتا كافيا للدراسة والتفكير المستمر في

موضوع او مشكلة البحث، ويقلب في جوانبه في معظم أوقات عمله، حيث ينصب التفكير دائما على جوانب وتقسيمات الموضوع في أوقات الاستراحة، فالباحث يطرح مشكلته دائما للنقاش مع زملائه في العمل ومع زملائه من الباحثين ومع المتخصصين في موضوع بحثه، ويجمع المعلومات والبيانات الخاصة به، ويدونها في بطاقات مصنفة، إلى جانب هذا يقوم بدراسات وملاحظات علمية، وقد يستخدم الباحث الاختبارات والقياس في عملية بناء الفرضيات.

ولا يغيب عن الذهن ان فحص الفرضيات واختبارها الغرض منه التحقق من إمكانية قبولها او رفضها، فالفروض تعتبر مقبولة اذا تمكن الباحث من إيجاد دليلا واقعيا ملموسا، يتوافق مع جميع ما ترتب عليها، فالفرضيات لا تثبت على انها حقائق ولكن وجود الأدلة تمنحها درجة عالية من الاحتمال وذلك لعدم وجود يقين مطلق. وتزداد درجة الاحتمال اذا تمكن الباحث من إيجاد عدد من الأدلة التي تؤيد الفرضية (68)،وان التوصل إلى هذه الأدلة يعني ان الباحث استطاع ان يوفر الأدلة التي تمكنه من قبول الفرضية، وبذلك يقدم الباحث حلا لمشكلة البحث، ولا يغيب عن البال، ان عدم قدرة الباحث على إيجاد الأدلة التي تثبت او تؤيد صحة الفرضية لا يعني ان هذه الفرضية غير صحيحة ويجب التخلي عنها، والبحث عن فرضية أخرى غيرها. فالباحث قد لا يعثر على الأدلة المؤيدة، وهذا ليس لعدم وجود أدلة مؤيدة، ولكن لان إمكانيات الباحث لم تساعده في إيجاد هذه الأدلة وفي مثل هذه الحالة تبقى الفرضية قائمة وإمكانية البحث عنها متوافرة.

أما اذا استطاع الباحث ان يجد أدلة تعارض فرضيته، وتثبت عدم صحتها فإنه في هذه الحال، يكون مضطرا لان يعلن ذلك، وان يتخلى عنها (أي الفرضية) اذ لا يستطيع الباحث ان يتمسك بفرضيات خاطئة حتى ولو كانت مغرية، فكل الفرضيات التي يضعها الباحثون يمكن ان تعدل في اثناء البحث فقبل ان يتوصل الباحث الى إثبات فرضية معينة، فإنه قد يصادف عشرات الفرضيات الخاطئة التي يتخلى عنها.

مقومات الفرضية العلمية الجيدة:

تتميز الفرضية العلمية بمقومات اساسية يتعين على الباحث مراعاتها عند صياغة فرضيات بحثه ويجب توافرها لتكون الفرضيات العلمية صحيحة وفيها مصداقية ومن اهم هذه المقومات مايلي: (69).

1ـ ان تنشأ الفرضية من وقائع ملموسة: بمعنى ضرورة أن تنشا الفرضية من ملاحظات علمية وليس من تأثير الخيال الجامح، حتى تكون اكثر واقعية وحتى تتحول عن طريق التجربة الى قوانين عامة ونظريات ثابتة.

2ـ ان تكون الفرضية محددة: ويتطلب ذلك، صياغة بشكل واضح ومحدد، مما يستلزم تحديد معنى التعبيرات (المصطلحات) المستعملة في صياغة الفرضية، فمثلا اذا قلنا ان الإحباط يؤدي إلى العنف، فبالرغم من وضوح المعنى الا انه ليس محدد التحديد الكافي لاختباره وقياسه، ولهذا يجب تحديد معنى الاحباط والعوامل التي تؤدي إليه، وكذلك يجب تحديد أنواع ومدى السلوك الذي سيعتبر عنفا لأنه كثيرا ما يخلط بين السلوك العدواني والسلوك الغضبي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير