تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقول آخر: إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي:، أ ب ت ث، فجاء بعضها مقطعا، وجاء تمامها مؤلفا، ليدل القوم الذين نزل القرآن فيما بين ظهرانيهم أنه بالحروف التي يعقلونها، فيكون ذلك تعريفا لهم، ودلالة على عجزهم عن أن يأتوا بمثله بعد أن أعلموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها، ويبنون كلامهم منها.

وقال أحمد بن فارس: وأقرب القول في ذلك وأجمعه قول بعض علمائنا: إن أولى الامور أن تجعل هذه التأويلات كلها تأويلا واحدا، فيقال: إن الله عزوجل افتتح السور بهذه الحروف إرادة منه الدلالة بكل حرف منها على معان كثيرة لا على معنى واحد، فتكون هذه الحروف جامعة لان تكون افتتاحا للسور، وأن يكون كل


(34) البقرة: 1.
(35) آل عمران: 1.
(36) فصلت: 26.

(281)

واحد منها مأخوذا من إسم من أسماء الله جل ثناؤه، وأن يكون الله جل ثناؤه قد وضعها هذا الموضع قسما بها، وأن كل حرف منها في آجل قوم وأرزاق آخرين. وهي مع ذلك مأخوذة من صفات الله عزوجل، في إنعامه وإفضاله ومجده، وأن الافتتاح بها سبب لان يستمع إلى القرآن من لم يكن يستمع، وأن فيها إعلاما للعرب أن القرآن الدال على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله، هو بهذه الحروف، وأن عجزهم عن الاتيان بثمله مع نزوله بالحروف المتعالمه بينهم دليل على كذبهم وعنادهم وجحودهم، وأن كل عدد منها إذا وقع في أول سورة فهو إسم لتلك السورة.
وهذا هو القول الجامع للتأويلات كلها من غير اطراح لواحد منها. وإنما قلنا هذا لان المعنى فيها لايمكن استخراجه عقلا من حيث يزول به العذر، ولان المرجع إلى أقاويل العلماء، ولن يجوز لاحد أن يتعرض عليهم بالطعن، وهم من العلم بالمكان الذي هم به، ولهم مع ذلك فضيلة التقدم ومزية السبق.
والله أعلم بما أراد من ذلك.

(282)

نسخ القرآن
قال أبوالحسين أحمد بن فارس: جمع القرآن على ضربين:
أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة.
والجمع الآخر: وهو جمع الآيات في السور، فهو توقيفي تولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ما تبقى من كتابه (المسائل الخمس) نقلا عن
البرهان للزركشي 1|237 ـ 238
مقالة (كلا) وما جاء منها في
كتاب الله
قال أبوالحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب رحمه الله تعالى:
هذه ـ أكرمك الله وأيدك ووفقك ـ مقالة (كلا)، ومعنى ما جاء من هذا الحرف في كتاب الله تعالى، واختلاف أهل العلم في موضعوعه، وأين تقع نفيا، ومتى تقع تحقيقا.
وقد فسرنا مالاح من ذلك واتجه، ودللنا على الاصح من ذلك بشواهد من غير إحالة، وبالله التوفيق.
قال بعض أهل العلم: إن (كلا) تجئ لمعنيين: للرد والاستئناف.
وقال قوم: تجيء كلا بمعنى التكذيب.
وقال آخرون: كلا: ردع وزجر.
وقال آخرون: كلا، تكون بمعنى حقا.
وقال قوم: كلا، رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن (كذلك) تحقيق وإثبات لم قبله من الخبر، قال: والكاف في قوله (كلا) كاف تشبيه، و (لا) نفي وتبرئة.

(283)

وقال بعضهم: كلا، تنفي شيئا، وتوجب غيره.
فهذا ما قيل في (كلا).
وأقرب ما يقال في ذلك: أن (كلا) تقع في تصريف الكلام على أربعة أو جه:
أولها: الرد، والثاني: الردع. والثالث: صلة اليمين وافتتاح الكلام بها كألا، والوجه الرابع: التحقيق لما بعده من الاخبار.
وسأذكر ما جاء منها في كتاب الله عزوجل، على ترتيب هذه الوجوه الثلاث حكاية لمقالة من زعم: أن (كلا) منحوتة من كلمتين وأن الكاف للتشبيه والرد على قائل ذلك إن شاء الله تعالى.
زعم بعض المتأخرين أن (كلا) رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن (كذلك) تحقيق، وإثبات لم قبله من الخبر، والكاف في (كلا) كاف تشبيه، وزعم أن أصل (كلا): التخفيف، إلا أنهم كانوا يكررون (لا) فيقولون: هذا الشيء كلا ولا. ثم حذفوا إحداهما، وشددوا الباقي طلبا للتخفيف، قال: ومنه قول الشاعر:
قبيلي وأهلي لم الاق مشوقهم * لوشك النوى إلا فواقا كلا ولا (37)
قال: وربما تركوه على خفته ولم يثقلوه، وذلك كقول ذي الرمة:
أصاب خصاصة فبدا كليلا * كلا وأنغل سائره انغلالا (38)
ومنه قول جرير:
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير