تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(286)

وأما قوله في هذه السورة: (قال أصحاب موسى إنا لمدركون، قال كلا) (56) فهو نفي لما قبله، واثبات لما بعده.

وأما قوله في سورة سبأ: (قل: أروني الذين الحقتم به شركاء كلا) (57) فلها تثلاثة مواضع:

أحدها أن تكون ردا على قوله: (أروني)، أي أنهم: لا يرون ذلك وكيف يرون شيئا لا يكون ·!

والموضع الثاني: قوله: (ألحقتم به شركاء) فهو رد له، أي: لا شريك له.

والثالث: أنها تحقيق لقوله: (بل هوالله العزيز الحكيم).

وقال بعض أهل التأويل: إنما رد على قوله: (ألحقتم به شركاء) دون أن يكون ردا على قوله (أروني). وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله، لما أمر بأن يقول لهم: (أروني) قال لهم ذلك. فكأنهم قالوا: هذه هي الاصنام التي تضرنا وتنفعنا فأروه إياها فرد عليهم ذلك بقوله: بل هو، أي: أن الذي يضركم وينفعكم ويرزقكم ويمعنكم هو الله. ومعنى قوله: (أروني) هاهنا: أعلموني.

وأما قوله ـ عزوجل ـ في سورة سأل سائل: (لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته ألتي تؤويه، ومن في الارض جميعا ثم ينجيه، كلا) (58) فرد لقولهم (ثم ينجيه) أو رد لقوله (لويفتدي).

وقال في هذه السورة: (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم · كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) (59) من نطفة، كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا في بني آدم أن لا يدخل أحد منهم الجنة إلا بالايمان والعمل الصالح فلا (60) يطمع كل امرئ منهم ليس بمؤمن ولا صالح أن يدخل الجنة ولا يدخلها، إلا مؤمن صالح العمل.

وأما قوله في سورة المدثر: (ثم يطمع أن أزيد؟ كلا) (61) فهو رد (أن


(56) الشعراء: 61.
(57) سبأ: 26.
(58) المعارج: 11 ـ 15.
(59) المعارج: 38 ـ 39.
(60) في المطبوع: فلم. والصواب ما أثبتناه.
(61) المدثر: 15 ـ 16.

(287)

أزيد) (62) وذلك أن الوليد كان يقول: ما اعطعيت ما اعطيته إلا من خير، ولا حرمه غيري إلا من هوان. فإن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وآله، حقا فما أعطاه في الآخرة أفضل، فقيل له: (ثم يطمع أن أزيد؟ كلا)، أي لا يكون ذلك.
وكذلك قوله: (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول: ربي أكرمن. . . إلى قوله: أهانن، كلا) (63).
ومن الرد قوله: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة، كلا) (64) أي: لامفر أكد ذلك بقوله: (لاوزر) تأكيدا لقوله كلا.
ومنه: (إذا تتلى عليه آياتنا قال: أساطير الاولين، كلا) (65) فهورد، أي: أنها ليست بأساطير الاولين.
ومن الرد قوله: (أيحسب أن ماله أخلده، كلا) (66) أي: ليس كما يظن، فإن ماله لن يخلده.
فذا ما في القرآن من النفي والرد بكلا.
وما كان في أشعار العرب منه، وهو كثير، قول القائل:
فقالوا قد بكيت، فقلت: كلا * وهل يبكي من الطرب الجليد (67)
فنفى بذلك قولهم: قد بكيت، وقال ابن الدمينة:
أردت لكيما تجمعينا ثلاثة * أخي وابن عمي ضله من ظلالك

أردت بأن نرضى ويتفق الهوى * على الشرك، كلا، لا تظني كذلك (68)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير