تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النار) ومن معانيها أيضاً نسي (فتئت الأمر أي نسيته). إذن كلمة (فتأ) لها ثلاثة معاني سكّن وأطفأ النار ونسي. وفاقد العزيز سكن بمجرد مرور الزمن فمن مات له ميت يسكن بعد فترة لكن الله تعالى أراد أن يعقوب لا ينسى ولا يكفّ بدليل قوله تعالى (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ {84})، وفاقد العزيز كأنما هناك ناراً تحرق جنبيه ويقال (حرق قلبي) والنار التي بين جنبي يعقوب u لم تنطفئ مع مرور الأيام ولم تزل النار ملتهبة مستعرة في قلب يعقوب u، وهو لم ينسى وفاقد العزيز ينسى بعد فترة ولذا يدعو له المعزّون بالصبر والسلوان. إذن تفتأ جمعت كل هذه المعاني المرادة هنا في الآية ولا يؤدي أي لفظ آخر هذه المعاني مجتمعة غير هذه الكلمة. والقرآن الكريم لم يستعمل هذه الكلمة إلا في هذا الموضع في سورة يوسف واستعمل (يزال ولا يزال) كثيراً في آيات عديدة (ولا تزال تطّلع على خائنة منهم).

واستخدام كلمة حرضاً في الآية تدل على الذي يمرض مرضاً شديداً ويهلك.

ومن الغريب أن القياس أن يُقال (لا تفتأ) لأن استعمالها نفي أو شبه نفي. وهذه من مواطن النفي ولم تحذف الـ (لا) في جواب القسم إلا في هذا الموطن في القرآن الكريم فهذه هي الآية الوحيدة التي وقعت في جواب القسم منفية ولم يذكر معها اللام ففي عموم القرآن عندما يكون القسم منفياً يأتي باللام (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لآيبعث الله من يموت) إذن من الناحية النحوية هناك خياران: إما ذكر اللام أو حذفها. فمن الناحية النحوية إذا كان جواب القسم فعل مضارع لا بد أن يكون باللام مع النون مثل (تالله لأكيدنّ أصنامكم) وإما مع اللام إذا اقتضى حف النون. لا بد في جواب القسم المثبت أن تذكر اللام سواء مع النون او بدونها. وعندما لا تذكر اللام فهذا يدل على النفي ولا يكون مثبتاً إلا بذكر اللام مع الفعل المضارع. إذا لم تأتي بـ (لا) فهو نفي قطعاً كقول الشاعر (فلا والله أشربها حياتي) بمعنى لا أشربها قطعاً. وقولنا (والله أذهب) يعني لا أذهب. فقد ورد قوله تعالى (فلا وربّك لا يؤمنون) لم تحذف الـ (لا) هنا ونسأل عن السبب؟ لماذا حذف الـ (لا) في الآية؟ لأن هذا القول قاله إخوة يوسف لكن هل هم أقسموا على أمر يعلمونه حق العلم؟ كلا هم أقسموا على أمر يتصورونه فالأمر إذن ليس مؤكداً ولم يحصل أصلاً فالذكر آكد من الحذف ولذا لم تذكر (لا) في جواب القسم ولقد جاء في الآية ما يفهم المعنى بدون الحاجة لذكر (لا) ولأن الذكر آكد من الحذف ولأن الأمر ليس مؤكداً عند إخوة يوسف. وهذا ما يُعرف بالتوسّع في المعنى في القرآن الكريم.

113 - ما اللمسة البيانية في تقديم الأكل على الشرب في سورة مريم (فكلي واشربي وقرّي عينا)؟

نلاحظ الآية قبلها في سورة مريم (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26}). فقد وردت كلمة السري وهي تعني السيّد وجمعها سُراة أي السادة (ولا سُراة إذا جُهّالهم سادوا)، وهي بمعنى أن الله تعالى قد جعلك تحتك سيّدا. أما التقديم والتأخير في الأكل والشرب فنلاحظ أنه في القرآن كله حيثما اجتمع الأكل والشرب قدّم تعالى الأكل على الشرب حتى في الجنّة (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) وقوله (كلوا واشربوا من رزق الله) وكذلك في آية سورة مريم (فكلي واشربي وقرّي عينا) والسبب في ذلك أن الحصول على الأكل أصعب من الحصول على الشرب.

114 - ما اللمسة البيانية في حذف (لا) (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ) وذكرها (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ) في سورة التوبة؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير