تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالجامعات لم تبدأ بتدريس ألانثروبولوجيا إلا حديثاً جداً. فلقد عيّن أول أستاذٍ لها في جامعة أوكسفورد، وهو " السر أدورد تايلور" عام 1884، وفي جامعة كمبرج، وهو ألاستاذ " هادن" في عام 1900، وفي جامعة لفربول، وهو " السر جيمس فريزر" في عام 1907.

وعيّن أول أسُتاذٍ لها في جامعة لندن في عام 1908، وفي الجامعات ألامريكية في عام 1886.

ولأن الانثروبولوجيا تعنى بدراسة النظريات التي تتعلق بطبيعة المُجتمعات البشرية، فأننا نستطيع أن نعتبرها، من جهة أخرى، من أقدم العلوم. إذ هي بدأت مع أقدم تأمّلات الإنسان حول تلكَ الموضوعات. فلقد قالوا مثلاً إن المؤرّخ الإغريقي (هيرودوتس) " أبو الانثروبولوجيا" كما هو أبو التاريخ، لأنهُ وصفَ لنا بأسهاب، التكوين الجسمي لأقوام قديمة كـ (السيثيين) وقدماءَ المصريين وغيرهم من الشعوب القديمة، وصور أخلاقهم وعاداتهم.

كما كتب المؤرخ الروماني (تاكيتس) دراستهُ المشهورة عن القبائل الجرمانية.

حتى البابليون قبل " هيرودوتس" بزمن طويل، جمعوا في متاحفَ خاصة بعض ما تركهُ السومريون من أدواتٍ ومخلفات.

إننا نستطيع أن نعتبرَ القرن الثامن عشر نقطة بدءٍ مناسبة للانثروبولوجيا. نشهد بعدها ظهور العناصر المكونة لهذا العلم. فآراء مونتسكيو في كتابهِ الشهير (روح القوانين) عن المجتمع وأسسه وطبيعته. وكتابات (سان سيمون) وإدعاؤه وجود علم للمجتمع، وآراء (يفيد هيوم) و (آدم سمث) ونظرتهما الى المجتمعات بأعتبارها تتكون من أنساق طبيعية، وإعتقادهما بالتطور غير المحدود، وبوجود قوانين لذلكَ التطور، كل تلكَ التأمّلات والآراء حوت لا بلا شك البذرات الصالحة والمكونات الاساسية التي نمت في القرن التاسع عشر، فكونت المدراس الانثروبولوجيّة الكبيرة.

وبعدَ مُنتصف القرن التاسع عشر بدأت الكتب القديمة في ألانثروبولوجيا بالظهور في أوروبا وأمريكا. وكانَ أبرز تلكَ الكتب كتاب (السر هنرى مين) " القانون القديم " عام 1861وكتابه عن (المجتمعات القروية في الشرق والغرب) (1861)، وكتاب (باخوفن) عن (حق ألام) عام 1861 وكتاب (فوستل دو كولانج) عن (المدينة القديمة) 1864 وكتاب (ماكلينان) عن " الزواج البدائي" عام 1865 وكتاب (السر أدورد تايلور) المُُسمى " أبحاث في التأريخ القديم للجنس البشري" عام 1865 وكتابه الآخر عن " الحضارة البدائية" عام 1871، ومن ثم (لوس موركن) عن " أنساق روابط الدم والمصاهرة في العائلة الإنسانية) عام 1870.

كما ظهرت "بعين الوقت" مدرستان كبيرتان من مدراس هذا العلم، هما " مدرسة القانون المقارن" و " المدرسة التطورية". فأفاد رجال المدرسة ألاولى ألانثروبولوجيا كثيراً حين إنصرفوا إلى دراسة القانون المقارن. حيث إهتموا بصورة خاصة بالقانون القديم وقوانيين الشعوب البدائية. كما تأثرَ رجال المدرسة الثانية " التطورية" بنظريات (لامارك) و (دارون) في التطور الحياتي. فأقاموا نظرياتهم في التطور الإجتماعي على عين الاسس.

وفي مطلع القرن العشرين برزت في ألانثروبولوجيا أسماء ضخمة مثل " السر جيمس فريزر"، و"أميل دوركايم"، و" راد كلف براون"، و" مالينوفسكي "، و" البوث سمث"، و" رفرز". كما ظهرت مدارس إنثروبولوجية هامّة مثل (مدرسة الإنتشار الحضاري) و (المدرسة الوظيفية). وكلاهما هاجمتا ودحضتا " المدرسة التطورية "، هذا إلى جانب " المدرسة البيئية"، وهي مدرسة قديمة مستمرة الوجود.

إننا نستطيع أن نعتبرَ نقطة البدء الحقيقية للانثروبولوجيا هي القرن العشرين، التي تمثلت بظهور أسماء ضخمة من عباقرة الانثروبولوجيا، أضافة الى مؤلفاتهم في ذلك الشأن. ناهيكَ عن المدارس الانثروبولوجية المهمة التي ساعدت في نمو وتطوير هذا العلم.

ثمة قضية معينة أود أن أنقلها للقارئ الكريم، وهي إن علم الإجتماع والانثروبولوجيا علمين متقاربين متشابهين، بحيث لا يمكن للباحث الفصل أو التمييز بين هذين العلمين. لدرجة تقاربهما، لذلكَ فأن من الانسب لي وللقارئ تعيين نقاط الإختلاف بين هذين العلمين لمعرفة أتجاه كلاً من هذين العلمين في الدراسات الإجتماعية. (10)

•علاقة علم الإجتماع بالانثروبولوجيا (علم الإنسان):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير